الاثنين، 3 أكتوبر 2016

الهداية

مما رسخ في فكري المتواضع وأنا أجول في مباحث الفلسفة والفكر النسق المعرفي الذي تمضي عليه الأسئلة الوجودية، فهي تبدأ بالسؤال عن العلم وكيفية الحصول عليه، ثم عن الوجود ومباحثه، ثم عن مبحث الأخلاق والقيّم. إنه مثلث العلم والعقيدة والأخلاق.

ولكن الذي حدث معي وأنا أقلب موضوع العقيدة أني وجدتها تسوقني إلى موضوع آخر تماما، وهو موضوع الهداية.

إن مبحث الوجود يستدل في أصله على الخالق بخلقه، في رباط وثيق يستدعي تأطير العلاقة بين الخالق والمخلوق، بعد التسليم لقدرة الخالق والإذعان لصفاته العلى.

إلا أن مبحث الوجود، موضوع الخلق، يقود بطبيعته إلى موضوع الهداية، ذلك لأن الخلق هو الإيجاد، والمخلوقات محتاجة لأكثر من الخلق، إنها محتاجة للهداية بعد أن يتم الخلق، ليتم دورها في الوجود، فسبحان القائل ( الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى).

ثم لما نظرت وجدت أن القرآن في أصله رسالة هداية، وعلى نفس النسق، الله سبحانه خلق الإنسان ثم بعد الخلق لابد من الهداية ليتضح الهدف والدور. والإنسان هنا مخلوق مكرم، متصل معه موضوع الهداية بفلسفة الإبتلاء والمسؤولية.

إن موضوع الهداية هو الموضوع الذي يلي الخلق، ولذلك استحق أن يكون الهدف الذي تتجمع حوله أهداف القرآن الكريم، بل والغرض من الرسالة كلها.

والهداية هنا تنقسم إلى أقسام: هداية جبلية عامة تخص المخلوقات كلها، وهداية خاصة تخص الإنسان وحده. بل الإنسان محتاج إلى هدايات متعددة، كل في ضماره.

الإنسان بحاجة إلى هداية فكرية تسقيها العقيدة الصحيحة، وهداية عملية تسقيها الشريعة الربانية، وهداية في مجال المباديء تسقيها الأخلاق الإسلامية. وهكذا يظهر أن الأخلاق وهو المبحث القادم في الفلسفة هو حزء يسير من موضوع الهداية.

والإنسان بحاجة إلى هداية في موضوع العلم، والله سبحانه هو الذي هداه لأن يطير اليوم في الجو كما كان بالأمس يمخر عباب البحر. إلا أن القرآن الكريم يفصل في موضوع هداية الدين (اهدنا الصراط المستقيم).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق