يقول الله تعالى (قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ) (القصص:26)
ويقول سبحانه وتعالى على لسان يوسف عليه السلام (قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلاً مِمَّا تَأْكُلُونَ، ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلاً مِمَّا تُحْصِنُونَ، ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ) (يوسف:47-49)
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأمير راع على رعيته ومسؤول عنهم، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عنه، والعبد راع على مال سيده وهو مسؤول عنه)، (البخاري: 853).
ويقول الشاعر:
دوائك فيك وما تشعر ###وداؤك فيك وما تبصر
وتحسب أنك جرم صغير ###وفيك أنطوى العالم الأكبر
ومن أحسن ما سمعت في هذا الجانب قول صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد حفظه الله تعالى حين قال (إنّا سنبدأ من حيث أنتهى الآخرون).
نبذة مختصر عن الإدارة ومكوناتها الأساسية:
وقبل أن ندخل في صلب موضوعنا، يحسن بنا أن نلقي نظرة سريعة جدا على الإدارة ومكوناتها الأساسية حتى نرى موضع الأهداف منها. وإن كانت أمثلة الإدارة دائما على الشركات والمؤسسات، إلا أن الإدارة حقيقة تستوعب أي شيء، حتى موضوعنا الذي نحنن بصدده، وهو الدعوة في سبيل الله تعالى.
والإدارة تتكون من أربعة أجزاء رئيسية، هي الموارد، العمليات الإدارية، الأهداف، قياسات الكفاءة والفاعلية.
فالإدارة هي الإستخدام الفعّال والكفء للموارد (البشرية والمادية والمالية والمعلومات والوقت) من خلال العمليات الإدارية (التخطيط، التنظيم، التوجيه، الرقابة) بغرض تحقيق الأهداف.
والفاعلية: هي قياس مدى تحقيق الأهداف، مثلا حققت 50% من الأهداف
أما الكفاءة: فهي الاستخدام الإقتصادي للموارد، ومدى الكفاءة في ذلك
أما العمليات الإدارية، فهي:
أولا التخطيط: وهو تحديد النشاطات الأفضل التي ستنقلك من وضعك الحالي إلى ما تطمح الوصول إليه.
ثانيا التنظيم: وهو الأشخاص والقوانين التي تنظم ذلك التخطيط لكي يتم إنجاز الأهداف المراده.
ثالثا التوجيه: وهو الإرشاد أثناء الأداء، وهو يتكون من ثلاثة أركان هي القيادة، الاتصال، التحفيز.
رابعا الرقابة: وهو تقييم الأداء وتحديد الانحرافات وتقويمها.
ولمزيد حول هذا الموضوع أنظر الموقع التالي:
أهمية تحديد الأهداف:
تنبع أهمية تحديد الأهداف في إنها أول الخطوات التي ينبغي أن يقوم بها المرء في كل أمر يقوم به، فهي أول الخطوات ومن أكثرها أهمية، لأن تحديد الأهداف هو بمثابة البوصلة التي توجه الإنسان في كل خطواته القادمة، فلذلك فإنه على المرء أن يحدد أهدافه تحديد دقيقا قبل أن يقوم بأي عمل كان.
وتحديد الأهداف يكفل للإنسان الطرق المناسبة لتحقيق أهدافه، فكيف بالإنسان أن يسير في طريق وهو لا يعلم أين سيوصله، إن معرفة أين تريد هي البداية لسلوك الطريق الصحيح، وكما يقال لا يهم أين أنت الآن، بل الأهم أين تريد أن تكون.
كما أن تحديد الأهداف هو أكبر باعث إلى العمل، فعندما يكون لدى الإنسان هدف فإنه لا يتوانى في السعي إليه، أما إذا كان بلا هدف، فهو بالحقيقة عالة بلا فائدة، فتحديد الأهداف هو السبيل إلى النجاح، وهو السبيل إلى البناء والرقي، فقد قالوا أنه لا حياة للإنسان بدون أهداف. وليس هناك ناجح قط لم يحدد هدفه!.
والأهداف تجعل الإنسان يتحكم في ذاته، فيقدرها ويحترمها، وتجعله يثمن وقته، ويتمتع به. أما الذين لا أهداف لهم فهم لا يقدرون أنفسم ولا يحترمونها، وإنما يقضون على أوقاتهم فيما لا فائدة منه.
والإنسان المحدد لهدفه يعيش الحاضر ويبنى للمستقبل، فهو ليس ممن يعيش الماضي أو ممن يعيش في المستقبل، فكلاهما مذموم، وإنما الإنسان الناجح ينطلق من حاضره ليبنيه بعلم وعزم وإرادة.
والمحدد للأهدافه بحاجة إلى إخلاص لله تعالى من أجل تحقيق تلك الأهداف، أما المشتغل بالأمور الجانبية، فهو لن يصل إلى شيء أبدا، ولو قضى حياته في ذلك.
وبالجملة فإن تحديد الأهداف أمر في غاية الأهمية فهو الطريق الوحيد لوضوح الرؤية، وحث الخطى، وجني النتائج، وبدونه لا زرع ولا حصاد!!.
أهمية الدوافع أو ما يسمى بالتحفيز:
وإذا كانت الأهداف بتلك الأهمية فإن الدوافع لتلك الأهداف لا تقل أهمية عن الأهداف نفسها، فالأهداف بدون دوافع تحث على تحقيقها تكون حبرا على ورق!.
فلكي يحقيق أحدنا الهدف الذي رسمه لنفسه فإن عليه أن يكثر من الدوافع التي تحثه على تحقيق تلك الأهداف، بمعنى أن عليه أن يرسخ الأسباب التي تدفعه لتحقيق تلك الأهداف في نفسه، وأن يتصور الفوائد التي سوف يجنيها من تحقيق تلك الأهداف، وما هي الخسائر التي سيفقدها إذا لم يحقق تلك الأهداف.
وعلى قدر عظم هذه الدوافع في نفسه يكون سعيه لتلك الأهداف، واخلاصه في سبيل تحقيقها.
وليس معنى هذا أن يعيش الإنسان في جو من الكئابة والبؤس، واضطراب للمشاعر وخوف وقلق إلى ما هنالك من حالات نفسية سيئة، بل على العكس تماما عليه أن يحدوه الأمل، وطمأنينة البال وراحة الضمير، والتفاؤل والسعادة والفرح، فإنما هي السبيل إلى القوة والنصر.
وإن قدر الله له شيئا سيئا، فليعلم أنه اختبار من الله تعالى له، ليستفيد منه إن شاء سبحانه في مستقبل أيامه، فيصبر ويحتسب، ويخطط ويسعى. وإن كان شيئا حسنا فليحمد الله وليجازي نفسه على ذلك الإنجاز، فإن التحفيز أساسي لمواصلة النجاح، كما أن المواساة للنفس في حال الفشل أساسية أيضا.
وأول خطوات ترسيخ هذه الدوافع هو ترسيخ الإنتماء لهذه الدعوة الإسلامية، والعزة والفخر بهذا الإنتماء، لأنها قبل كل شيء هي دعوة ربانية، متصلة بالله تعالى الرب والخالق سبحانه، ثم العزة والفخر بأفراد هذه الدعوة في الماضي والحاضر والمستقبل، فالإنتماء لهذه الشريحة وتوثيق العرى معها هو أول خطوات ترسيخ هذه الدوافع. وهكذا على الداعية أن يرى نفسه أنه امتداد لهذا الموكب الذي سار في خدمة الدعوة لله سبحانه.
والإسلام جعل قضية نصرة الدعوة الإسلامية مرتبطة بإيمان الشخص، وذلك تعظيما لهذه الدوافع في كيان هذا المسلم.
أهمية التخطيط:
ولا شك أن تحديد الأهداف هو بداية المشوار، ولو كان الأمر فقط بتحديد الأهداف، لتمنى من شاء ما شاء، ولكن الأمر أجل من ذلك، فالنيات مختبرة وممحصة، والسرائر سوف يكشف ما بها، فلا بد من العلم والعمل، ولا بد من التخطيط والتنفيذ.
فعلى الإنسان أن يقضيى الليالي والأيام يدرس الأمور ويقلب المسائل، ولربما احتاج إلى استشارة المختصين، والاستعانة بهم، وسماع النصائح منهم لأنهم أهل تجربة واختصاص، هذا إذا لم يتطلب الأمر منه الاختصاص بنفسه. فهناك فرق كبير بين الهواية والتخصص. والثمار اليانعة تأتي بعد تعب وجد واجتهاد.
والتخطيط الدقيق للمشروع مهم، والأهم منه هو المرونة في التعامل مع هذا التخطيط، فهناك فرق كبير بين الالتزام والمرونة، فإذا كان الإنسان ملتزم بمخططه فإن عليه أن يراقب ويلاحظ الواقع من حوله، ثم يستجيب بمرونة معه حتى يحقق ذلك اللتزام، فالإنسان المرن هو إنسان ذو تحكم أكبر بمن حوله وبمشروعه.
والتخطيط بالجملة يتكون من ثلاثة أركان هي تحليل الوضع الحالي، تحديد الأهداف، تصميم المخطط.
موضوع جميل عن فوائد التخطيط:
شروط الأهداف:
و الأهداف حتى يمكن تحقيقها لا بد أن يكون فيها خمسة شروط:
1. محدده: بمعنى أن لا تكون عموميات، فإن قال شخص أن هدفه هو نصرة الإسلام، فهذا لا يعتبر هدفا لأنه كلام عام غير محدد، فعليه أن يحدد، مثلا أريد أن أنصر الإسلام بأن ألف كتابا في أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم. فالعقل يحتاج إلى أمر محدد ليركز عليه.
2. قابلة للقياس: بمعنى أنك تعلم متى تنجز ثلث الكتاب أو نصفه، وهكذا, أما الأهداف التي لا يمكن قياس النجاح فيها، فهي هلامية، قد يضيع الإنسان في اتونها وهو لا يعرف موضع قدمه قط، فالأهداف القابلة للقياس هي التي يمكن أن تقسم إلى مراحل عند القيام بها.
3. مقبولة: أي أن يكون الهدف متوافق مع رسالته في الحياة ورؤيته لها، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يهدم الكعبة ثم يبنيها على الأساس الذي بناها عليه ابراهيم عليه السلام مراعاة لقضية القبول هذه.
4. واقعية: أي لا يدفعك الحماس لكتابة شيء ليس في مقدورك أن تفعله أعرف نقاط ضعفك وقوتك وأسأل نفسك هل أستطيع تحقيق هذا الهدف؟ فاعرف قدراتك، واعرف كيف يمكن أن تطور هذه القدرات.
5. محددة بزمن: أي أن تكون خطتك محددة بزمن، فحدد متى يبدأ المشروع ومتى ينتهي.
أهمية تحديد التصور العام:
هناك أهداف قصيرة وبعيدة المدى للإنسان، ولكن الأهم من ذلك هو أن يعرف المسلم التصور العام لما هو مطلوب منه في هذه الحياة الدنيا، فيكون لديه نظرة واضحة المعالم لهدفه من هذه الحياة، ورؤية بيّنة عن ما يتطلبه منه الوضع الحالي من أفكار وتطلعات، فيكون عنده منهج عام يسير به في خضم هذه الحياة.
وهذا المنهج أو المبادئ هي ثابتة راسخة لا تتطور يوما عن يوم، فقد تتطور الأهداف والخطط في بعض الأحيان، ولكن المنهج ينبغي أن يكون واضح بيّن، فوضوح هذا المنهج ينسق المجهودات، ويقضي على الفوضى، ويكشف الوضع، ويرتب الأولويات، ويجهز الطاقات، وغير ذلك الكثير.
وبعد أن يحدد المسلم نظرته العامة للحياة فإن المطلوب منه أن يعرف رسالته ودوره فيها، بمعنى أنه يحدد ما الذي يريد أن يحققه من حياته، لكي لا تمضي عليه الأعوام وهو مشتغل بهموم الدنيا وقضاياها التي لا تنتهي!
وتحديد الرسالة في الحياة مهم، لأنه هو الذي يجعل الإنسان يرسوا على أهدافه الحقة التي يريد تحقيقها، والتي تتناسب مع امكانياته وتوجهاته.
أهمية ترتيب الأولويات:
ترتيب الأولوليات هو الأساس للتوازن الفاعلية، وأفضل من أجاد في هذا الموضوع هو ستيفن كوفي في كتابيه، إدارة الأولويات (First things first)، والعادات السبع للناس الأكثر فاعلية (The habits of highly effective people).
وقد كان تركيز الدراسات على طرق تنظيم الوقت، وكيفية الإنجاز في وقت أقل، ولكن ستيفن يرى أن البوصلة أهم من الساعة!، بمعنى أنه ليس المهم كم نعمل ولكن المهم هو ما نعمل، وفي أي اتجاه نسير!. والناس تكثر النظر إلى الساعة ولا ينظرون إلا قليلا إلى البوصلة، وكم هم الذين لا ينظرون إلى الساعة ولا إلى البوصلة أصلا!.
وترتيب الأولويات يجعل الإنسان يركز على الأمر الصحيح، ولا يشتغل بكل ما هو أمامه من شؤون الحياة، فالحياة بطبيعتها مشغلة ملهية!. وهذا التركيز يجعل الإنسان في توازن وسمو لأنه يحقق أهدافه الكبرى التي يريد، ثم يجعله أكثر الفاعلية وانتاجية.
مربع الحياة:
والحياة فيها أربع أنواع من الأعمال أو المهام، هي:
1. أعمال مهمة وطارئة
2. أعمال مهمة وغير طارئة
3. أعمال طارئة وغير مهمة
4. أعمال غير طارئة وغير مهمة
والأعمال المهمة والطارئة قليلة نسبيا!، لذا تجد أكثر أهتمام الناس منصبا على الأعمال الطارئة والغير مهمة، بل تجدهم يقضون حياتهم في هذه النوع من الأعمال. وبعضهم يقضي حياته في الأعمال غير المهمة وغير الطارئة!، وهذا هو الذي لا شغل ولا هم له!.
أما الأعمال المهمة والغير طارئة، وهي غالبا الأعمال التي ينبغي أن تكون الأعلى في سلم أولويات الحياة، يكثر فيها التأجيل والتسويف!!.
وهكذا فإن على الإنسان أن يتعلم الطريقة التي تكون فيها حياته وأعماله منصبة على تلك الأعمال المهمة له ولأمته، سواء كانت تلك الأعمال تبدوا له طارئة أو غير طارئة، وعليه ألا يشتغل بالصغير أو التافه من الأمور، بل عليه أن يحدد أولوياته ثم يسعى في تحقيقها.
الأدوار وشحذ المنشار:
وبعد أن يرتب الإنسان أولوياته في الحياة، فإن عليه أن يضع خطة له، وهذه الخطة تمر بست مراحل، هي:
1. بناء الرسالة الشخصية: وقد تكلمنا عنها سابقا!
2. تحديد الأدوار التي يلعبها الإنسان في مسرح الحياة: فالإنسان له أدوار كثيرة في الحياة، فهو الأب، والموظف، والزوج، وغيرها. وعدم الاتزان يحدث عندما يشعر الإنسان أنه ناجح في دور من هذه الأدوار على حساب الأدوار الأخرى!
3. تحديد أهداف كل دور: إن هذا يسهم في استقرار الإنسان وفي سعادته واعتداله، ونجاحه أيضا
4. اتخاذ القرار لتطبيق تلك الأهداف، وهذا يتطلب الكثير من الحزم
5. جدولة الأهداف
6. تقييم الأداء
بجانب الأدوار التي يعيشها الإنسان فإن هناك حاجات أساسية لا بد له منها، وذلك مثل الحاجات الروحية والعضوية والإجتماعية، وذلك مثل تنشيط الجسم بالرياضة ومثل الخروج للتنزه والاستجمام!، واهتمام الإنسان بهذه الجوانب تطور كثيرا حياته الشخصية وتجدد له طاقته الحيوية، وأهميتها بالنسبة له هي مثل أهمية شحذ المنشار بالنسبة للنجار، فلو استمر النجار يعمل بمنشاره دون أن يشحذه، فإنه ولا شك سوف عن قريب يتعطل منشاره!!.
العادات السبع للناس الأكثر فاعلية:
هذا هو عنوان الكتاب الثاني لستيفن كوفي والذي استنتج فيه هذا العادات السبع من دراسته لمجموعة من الشخصيات المميّزة واللفعّالة على مر التاريخ، وهو يقول بأن هذه العادات تنمو وتتطور مع الوقت، فتمر بثلاث مراحل، هي:
1. الإعتمادية: وهنا يعتمد فيها الإنسان على غيره، ويعتبره المسؤول عنه!
2. الإستقلالية: وهنا يعتمد الإنسان كليا على نفسه، ويعتبر نفسه أنه هو المسؤول وحده عن اختياره
3. الإعتماد المتبادل: وهنا يؤمن بأنه إذا عملنا معا فسوف يكون حصيلة عملنا أكبر من أن يعمل كل من على حده.
وهذه العادات هي:
1. كن مبادرا سباقا: فمن يتحرك حسب المواقف والظروف فسوف يحقق أهداف الآخريين، فلا تنتظر الظروف لتدفعك للعمل، وإنما بادر أنت، فمن ينتظر الظروف فهو يعيش أولا في حالة طوارئ، ثم أنه لا يحقق أهدافه المنشودة.
2. أبدأ وعينك على النهاية: فمن يبدأ وهو غير متأكد لما يريد، أو غير عارفا له، فإنه ببساطة إنسان أقرب لأن يكون تائه.
3. الأولى أولا: أبدأ بالأهم ثم المهم، وأجعل لك معيارا محددا متصلا بسلم أولوياتك
4. فكر في المصلحة المشتركة للطرفين: التعامل بمنطق إذا كسب الآخرون فسأخسر، يجعل الحياة صعبة، وهو على كل حال منطق غير صحيح في معظم الأحيان، بل هو منطق معرقل ومبعد عن الأهداف في كثير من الأحيان، لذا ابحث عن وسائل التعاون بدل التناوش!
5. تفهم الآخريين أولا ثم اطلب منهم أن يفهموك: فالتواصل مهم، وكثير من الأهداف لا تتحقق بسبب أنها لا تكون مفهومة لدى الطرف الآخر، فعلى الشخص أن يفهم الآخر كي يفهموه هم!.
6. اعمل مع الجماعة: بمعنى أن إنتاج موظفان متفاهمان قد يكون أفضل من إنتاج عشرة أشخاص يكيد بعضهم للبعض الآخر.
7. اشحذ المنشار: وقد ذكرنا هذا سابقا. وخلاصته أن الجسم والعقل والروح لكل منهم متطلباته، وإن اضطرب واحد منهم اضطرب الجسم، فأعمل على إيجاد التوازن.
احذروا الإدمان:
تعجبني الجملة الدعوية التالية (القلب مثل الكوب، إذا لم تملأه بالماء أو الشيء النافع امتلئ بالهواء!)، على أن القلوب سريعة التعلق بالأشياء، فإذا تعود القلب علي شيء، فسوف عن قريب يدمن عليه!، فلا يرتاح ذلك القلب المدمن إلا عندما يتعاطى ما هو مدمن عليه، وهكذا يكبر الإدمان، حتى لا يستطيع عنه فكاكا!!.
والمدمن لا يستطيع تأدية أدواره الحياتية بنجاح وتوازن، بل تجده دائم التفكير والإنشغال بما هو مدمن عليه!!
وهذه السكرة أو الإدمان تتنوع وتختلف، فمنهم من يدمن مشاعر وأحاسيس معينة، فلا يرتاح إلا إن يشبعها!، وبعضهم يدمن فكرة تأخذ عقله وتأسر لبه، فلا يرى الحياة إلا من خلالها.
على أنه لا ينبغي، برأيي المتواضع، على الداعية أن يشتغل بألغاز الحياة وحلولها، بل عليه أن يسلك أصول الدعوة وأساسياتها الواضحة البينة!.
أما أول خطوات حل هذه النوع من الإدمان، هو أن يعرف المرء أنه مدمن!، فإذا اعترف بذلك وعزم على التخلص منه في نفسه، فإنه بإذن الله سوف يتخلص منه.
عليك بقاعدة 20:80
وهذه القاعدة مع بساطتها إلا أنها تسع كل شيء!، وهي توفر الكثير من الجهد والوقت.
بمعنى أنك ستقضي 20% من الوقت في انجاز 80% منه، ثم تقضي80% من الوقت في انجاز الـ20% الباقية!، وهذا في كل شيء!، في المذاكرة، المطالعة، العمل.....
فإن الإنسان إذا أراد أن تكون عنده صورة عامة عن موضوع معين فإن 80% منه هي في أساسياته وقواعده، التي يمكن أن تواجد بسهولة ويسر(20% من الجهد)!
وأي كتاب تشتريه من المكتبه، فإن 20% فقط مفيد بالنسبة لك!، أما 80% الباقي فهي حشو بالنسبة لك!، فأعرف كيف تحصل على تلك الفائدة بجهد أقل.
وهذه أمثلة قليلة في هذه المسألة، فإن نتائجها وفوائدها لا تنتهي!!
وقديما قالوا: خذ لك من كل فن بطرف، ومن فن كل طرف!
نظرة في الأهداف التي رسمها القرآن للإنسان:
القرآن الكريم أعطى هذا الموضوع اهتماما كبيرا، وهذا بطبيعة الحال يدل على أهمية هذا الموضوع، فالله سبحانه وتعالى يقول (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذريات:56)، ويقول سبحانه (هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا) (هود:61).
فالهدف العام إذن من خلق الإنسان هو عبادة الله وعمارة الكون بشرع الله. والعمارة للكون هي جزء من العبادة، ولكنه خصص لميزته وأهميته، ولا يخفى أن هذا الهدف العام بحاجة إلى تفاصيل كثيرة، وأهداف جزيئة كثيرة لتحقيقه.
وهذا الهدف العام هو هدف سام، فلو حلت كل مشاكل العالم، ولم يبق أمام المسلمين شيء يكدر صفوهم، وأصبحت لهم القوة والسيادة والتمكين في الأرض، فإن عليهم أيضا أن يحققوا هذا الهدف، وهو عبادة الله تعالى، والسعي في اعمار الكون بشرع الله، يقول تعالى (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ) (الشرح:7).
وإن كان هدف المسلمين الأسمى هو ذلك، إلا أن عليهم الإصلاح من شأنهم حتى يصلوا إلى تلك المرحلة، والإصلاح هو منهج الأنبياء والصالحين من قبل، (إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْأِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) (هود:88).
والقرآن يأتي بالأهداف العظمى ويبقي لبنى البشر أن يجتهدوا لتحقيق تلك الأهداف، ولا شك أنه ينبغي أن يكون هذا الإصلاح شاملا لكل جوانب الحياة ومراعيا لكل حيثياتها، فلا يتم التركيز على شيء واحد ويقال أن هذا هو طريق الإصلاح، بل يعمل كل في مجاله من أجل الرقي والنماء.
هذا والله الموفق لما فيه الخير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق