التوكل على الله تعالى يعتبر من أهم مميزات الشخصية المسلمة، فالمسلم إنما يختلف عن غيره بأنه دائم الاتصال بربه وخالقه، وأنه يتصرف بحسب مبتغاه سبحانه، وأنه يراقبه في كل ما يأتي وما يذر، وأنه يعتمد عليه سبحانه في إتمام وتسديد أفعاله وأقواله.
يقول تعالى (إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (هود:56).
والمؤمنون هم أصحاب رسالة خالدة، إنها رسالة الإصلاح التي توارثوها عن الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، يقول الله عز وجل على لسان هود عليه السلام (إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْأِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) (هود:88) .
ومن المعلوم أن هذه الرسالة غايتها عبادة الله سبحانه، وهدفها هو الإصلاح والإقامة لمنهج الله تعالى في هذا الكون، ووسيلتها هي الدعوة إلى الله تعالى بالحسنى، أما شروطها فهي العلم والاتباع لقوانين الله وسننه في الكون والإنسان.
والتوكل وثيق الصلة بكل هذا، فهو الركون والاعتماد على الله تعالى مدبر الكون، وخالق كل شيء، عند القيام بهذه الرسالة الربانية، يقول سبحانه (وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً) (النساء:132)
والتوكل مشتق من الوكالة، يقال وكل أمره إلى فلان أي فوّضه إليه، واعتمد عليه فيه، ويسمى الموكول إليه وكيلا، ولذلك فمن أسماء الله الحسنى الوكيل، ويسمى المفوّض إليه متكلا عليه، ومتوكلا عليه، مهما اطمأنت إليه نفسه، ووثق به، ولم يتهمه فيه بتقصير، ولم يعتقد فيه عجزا ولا قصورا، فالتوكل عبارة عن اعتماد القلب على الوكيل وحده، انظر الإحياء 4: 259.
وتوكل المؤمنين على الله تعالى يدور حول ثلاثة أسباب:
أولها الإعتراف بالضعف أمام الله تعالى، (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (آل عمران:160) .
وثانيها الإعتراف بربوبية الله تعالى وسلطانه وحده على الكون، يقول سبحانه (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً) (المزمل:9)
وثالثها إظهار الإيمان لله تعالى، فلذلك فإن التوكل هو دليل الإيمان وشرطه، يقول سبحانه (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) (لأنفال:2).
يقول ابن القيم: التوكل نصف الدين والنصف الثاني الإنابة، فإن الدين استعانة وعبادة، فالتوكل هو الاستعانة والإنابة هي العبادة، يقول تعالى (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) (الفاتحة:5)، ويقول عز وجل (ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) (الشورى:10).
والإستعانه بالله تعالى، أو التوكل عليه، هي من العبادة أيضا، ولكنها أمر متعلق بالممارسات والأعمال، واتخاذ الأسباب، ومعرفة المسببات، واتباع سنن الله تعالى وقوانينه في ذلك.
وهو يدور حول ركنين اثنين، أولهما معرفة الله وهو يشمل معرفة أن الله وحده هو المدبر لهذا الكون، وثانيهما الاعتماد عليه سبحانه حين القيام بأمر الرسالة وعدم التفريط فيها.
أولا: معرفة الله ومعرفة توحده بملكه وسلطانه سبحانه على هذا الكون
فالتوكل كما قلنا دليل الإيمان وشرطه، وهو من ثمار التوحيد لله تعالى، وفي ذلك يقول الإمام الغزالي (كل ما ذكر في القرآن عن التوحيد، فهو تنبيه على قطع الملاحظة عن الأغيار، والتوكل على الواحد القهار) (الإحياء ج4 ص243). ويقول ابن القيم (فإياك نعبد تحقيق لهذا التوحيد وإبطال للشرك في الإلهية كما أن إياك نستعين تحقيق لتوحيد الربوبية وإبطال للشرك به فيها) (مدارج السالكين ج1 ص 64 ). ويقول الله تعالى (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً) (المزمل:9)
فالتوكل على الله تعلى يستلزم معرفة الله تعالى وتوحيده، والثقة به سبحانه، والسرور بما عنده عز وجل، والرضى بقضاءه وقدره. كما يستلزم الصبر على البلاء والشكر والحمد على النعماء، وفي الحديث يقول الرسول صلى الله صلى الله عليه وسلم (عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير ، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن ؛ إن أصابته سرّاء شكر ؛ فكان خيراً له ، وإن أصابته ضرّاء صبر ؛ فكان خيراً له).
لذلك فقد اعتبر بعض علماء السلوك أن الصبر والشكر من مقامات التوكل، وأن أعلى هذه المنازل هم الذين رضوا عن الله تعالى، مفسيرين قول الله تعالى (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) (البينة:8) بذلك.
والتوكل على الله تعالى صفة دائمة لدى المسلم، لأنها من صفات الإيمان، فهي ليست لحظية ولا آنية، ولا مرتبطة بمصالح أو مصائب، فالمسلم يرجع إلى الله تعالى بالدعاء والتضرع في كل حين، وليس في آوان الحاجة فقط، وهذا الدعاء و اللجوء إلى الله والاعتماد عليه إنما هو حاجة وضرورة للمسلم، بجنب أنها سمة مميزة له، فهي هوية وانتماء. فالمسلم يستذكر دائما بأنه إنما ينتمي إلى أولئك الذين يعبدون الله ويلجأون إليه، ويعتمدون عليه في اتمام رسالتهم التي وجدوا من أجلها. فالتوكل إنما هو نوع علاقة بين العبد وربه سبحانه وتعالى، وهذه العلاقة هي وثيقة ومتينة لا تتأثر بالمصالح والمصائب، وإنما مرتبطة بالإيمان فعلى قدر الإيمان يكون التوكل.
وكون التوكل على الله صفة دائمة للمسلم وميزة من ميزاته، يورثه خصال كثيرة من خصال الخير، فهو يورث التواضع، ويورث العزة والقوة، ويورث الثبات على المصائب والنوائب، ويورث الأمل وعدم اليأس، ويورث الإصرار والمثابرة، ويبعد عن الذل أو التأثر بما عند الآخريين، وغيرها الكثير من صفات الخير.
فلا شك أن المتوكل على الله، الذي يشعر أن الله معه، يكون مطمئنا وإن حيكت له الأمور، فهو لا تزعزعه الصدمات والحوادث، يقول سبحانه عن عباده المؤمنين (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) (آل عمران:173).
ويقول عن رسله صلوات الله وسلامه عليهم (وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ) (ابراهيم:12).
كما أن التوكل هو إيمان من العبد المؤمن بأن وراء هذه الأسباب والمسببات إله خالق هو الذي يدبر كونه ويتصرف فيه حيث شاء، فيكون توكل المؤمن على الله تعالى وليس على هذه الأسباب، يقول سبحانه (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (هود:123)، ويقول عز وجل (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ) (الزمر:38).
وإنما كانت هذه الأسباب والمسببات لمشيئة أرادها الله تعالى، فهو سبحانه قد خلق كونه على سنن وقوانين تسير بها، فكان لزاما على المؤمنين أن يتعلموا هذه القوانين وأن يسلكواها في طريقهم الإصلاحي لهذا الكون، فبهذه السنن يكون الإصلاح، وعليها يكون الاختبار والابتلاء، فكل شيء إنما خلق بسنن وقوانين، ولذلك كان اتباع هذه القوانين هو الطريق الوحيد لصلاح هذا الكون، ولكن على أن يُعلم أن وراء هذه السنن والقوانين إلاه خالق، ورب رازق مدبر، محيط متصرف بخلقه.
ثانيا: الاعتماد على الله تعالى في تأدية رسالته المقدسة
والإيمان معرفة بالله وسعي في سبيله، فهو علم وعمل، فلذك كان التوكل هو الإعتماد على الله في القيام بهذا العمل، فليس معنى التوكل أن يترك الإنسان السعي ويأنس بالخمود والخمول، بل التوكل هو من أقوى الدوافع إلى العمل والنشاط، فالمسلم لا تثنيه كل الصعاب عن القيام بما أمره الله تعالى به، بل هو يعمل بإصرار أكبر، وتخطيط أعمق عن دراية ومشورة، يقول سبحانه (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) (آل عمران:159).
والمسلم لا يشتغل بالسفاهات والأذى، بل هو متوكل ساع في سبيل الله تعالى (وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً) (النساء:81).
والمسلم يعمل العمل لله تعالى ولا ينتظر النتائج، وإنما يكلها إلى الله تعالى، يقول سبحانه (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) (التوبة:129)
وهكذا يقف التوكل على الله تعالى حصنا منيعا معلنا الحرب الضروس أمام كل ما من شأنه أن يوقف العمل والسعي إلى الخير، فهو يحارب التردد والاتكالية ويدعوا إلى العزم (فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ).
ويحارب الاحباط واليأس (وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) (يوسف:87)
ويدعوا الى العمل والسعي في الأرض، كما يدعوا إلى الإيمان بالقدر، ويدعوا إلى إحكام العمل وعدم الاستعجال فيه، ويضاعف الأجر على العمل القليل، ويعد بالمغفرة والتيسير، والثواب حتى على النية الصالحة، والعقاب على من تعمد الإثم والإضرار.
درجات التوكل عند علماء السلوك:
التوكل عند علماء السلوك على ثلاث درجات، هي التوكل ثم التسليم ثم التفويض، ومعنى هذا أن التوكل اعتماد على الوكيل، وقد يعتمد الرجل على وكيله مع نوع اقتراح عليه، وإرادة وشائبة منازعة. فإذا سلم إليه زال عنه ذلك، ورضي بما يفعله وكيله. وحال المفوض فوق هذا، فإنه طالب مريد ممن فوّض إليه، ملتمس منه أن يتولى أموره، فهو رضا واختيار، وتسليم واعتماد. (أنظر التوكل للدكتور القرضاوي ص 20).
وفي التوكل وهو الأسم الجامع وردت آيات كثيرة، منها قوله تعالى (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (التغابن:13)، يقول ابن القيم (مدارج السالكين ج2 ص104: التوكل من أعم المقامات تعلقا بالأسماء الحسنى، فإن له تعلقا خاصا بعامة أسماء الأفعال، وأسماء الصفات، فله تعلق باسم الغفار، والتواب، والعفو، والرؤوف والرحيم، وتعلق باسم الفتاح، والوهاب، والرزاق، والمعطي، والمحسن. وتعلق باسم المعز، المذل، الحافظ، الرافع، المانع. من جهة توكله عليه في إذلال أعداء دينه، وخفضهم ومنعهم أسباب النصر. وتعلق بأسماء القدرة والإرادة، وله تعلق عام بجميع الأسماء الحسنى، ولهذا فسره من فسره من الأئمة بأنه المعرفة بالله.
أما التسليم فقد ورد فيه قوله تعالى (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (النساء:65)، وقوله سبحانه (وَلَمَّا رَأى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً) (الأحزاب:22).
والآية الأولى تبين ثلاثة مراتب، وهي التحكيم، ثم سعة الصدر بانتفاء الحرج، ثم التسليم، فالمستسلم لله تعالى، يكون منتفيا عنده أي عارض من عوارض المنازعة في حكمه وتصرفه جل جلاله.
أما التفويض ، فورد فيه قوله سبحانه (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ) (غافر:44)، والتفويض تبرأ من الحول والقوة، ومعاينة الإضطرار لله تعالى، وشهود لإنفراد الحق بملكه وتصرفه فيه.
والتوكل منزلته كبيرة وفضله عند الله عظيم، لذلك جعل سبحانه الجزاء الوافر للمتوكلين عليه، وهذه عناوين لبعض هذا الجزاء:
1. يحبهم الله تعالى، يقول سبحانه (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) (آل عمران:159)
2. الكفاية، يقول عز وجل (أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ) (الزمر:36).
3. يجعل لهم مخرج ويرزقهم من حيث لا يحتسبوا، يقول عز شأنه (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) (الطلاق:2-3).
4. لا يجعل لشيطان عليهم سبيلا، يقول تعالى (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) (النحل:99).
5. العزة والرفعة، يقول سبحانه (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (لأنفال:49)، فلا يذل من استجار به، ولا يضيع من لاذ بجنابه، وهو سبحانه حكيم لا يقصر عنه تدبير من توكل على تدبيره، وفي الحديث الشريف (لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدوا خماصا، وتروح بطانا).
6. ومن ثمار التوكل السكينة والطمأنينة، كما قال صلى الله عليه وسلم (لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (التوبة:40)، وكما قيل لموسى عليه السلام (قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ، قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) (الشعراء:61-62).
7. القوة والشموخ، كما حدث من نبي الله نوح عليه السلام (يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآياتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ، فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (يونس:71-72).
8. الأمل وعدم اليأس بما عند الله فهو الذي لا يخذل من يتكل عليه، وذلك كما ورد عن نبي الله يعقوب عليه السلام (يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) (يوسف:87).
هذا والله الموفق لما فيه الخير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق