السبت، 20 يونيو 2015

مقومات الشخصية الإسلامية- ملخص محاضرة للشيخ أحمد الخليلي

مقومات الشخصية الإسلامية

نظرا لأهمية شخصية المسلم وإجلالا لما يجب أن تتميز به عن سائر الشخصيات, قام سماحة الشيخ أحمد الخليلي بإلقاء محاضرة خاصة عن أهم مقومات الشخصية الإسلامية. ويسعدني هنا أن أعنون لهذه المقومات وذلك نظرا لأهمية الموضوع واعترافا بمقام الشيخ الجليل.

1. الإيمان:

وهذا لإيمان هو أساس لبقية المقومات فهو أصل وهي تابعة له. ولا قيمة لأحد دون الإيمان, والإيمان يدخل في أعمال المؤمن كلها فيكيفها حسب ما يقتضيه, وكذا يدخل هي أخلاقه وأقواله.

 

صفات المؤمنين

ويبن القرآن الكريم صفات المؤمنين فقال سبحانه (قد أفلح المؤمنون, الذين هم في صلاتهم خاشعون, والذين هم عن اللغو معرضون, والذين هم للزكاة فاعلون, والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين, فمن أبتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون, والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون, والذين هم على صلواتهم يحافظون, أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون)

وقال عنهم أيضا (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم، وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون، الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون، أولئك المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم)

وقال سبحانه (إنما المؤمنون الذين ءامنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا، وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله، أولئك هم الصادقون)

كما بينت السنة النبوية جملة من صفاتهم منها:

قال الرسول صلى الله عليه وسلم (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين)

وقال (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)

وقال (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يرجع في الكفر كما يكره أن يقذف في النار)

وقال عليه الصلاة والسلام (الإيمان بضع وستون شعبة، أعلاها كلمة لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى من الطريق، والحياء شعبة من الإيمان)

 

وهكذا ترون حرص الإسلام على أن يأخذ الإنسان بكليته ويصيغة بصياغة خاصة تتلائم وما أريد لهذا الإنسان من أن يكون خليفة لله في الأرض.

2. توثيق الصلة بالله:

وذلك عن طريق العبادة والذكر، قال تعالى (إنما يؤمن بأياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون، تتجافي جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون)

فالمؤمن يحرص على الذكر أشد الحرص، وانظروا إلى الأمر الرباني بإقامة الصلاة حتى في حالة الحرب.

وعندما ينفلت الإنسان من صلاته يؤمر بأن يذكر الله على كل حال، قال تعالى (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله، واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون)، ويقول (فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم).

ذلك لأن الذكر هو الذي يعمر القلوب، وينور البصائر، ويحيي الضمائر، ويقوم سلوك الإنسان. فالإنسان بدون الذكر يكون ميتا، ولا يكون فكره بحال من الأحوال مشعا وإنما هو مظلم متعفن.

3. التسليم لأوامر الله ونواهيه:

على المؤمن أن يعلم أن الله تعالى لا يأمره إلا بما فيه مصلحته، ولا ينهاه إلا عما فيه مضرته، فيؤثر ما جاء به الله على ما تدعوه إليه نفسه, يقول سبحانه (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم، ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا)

فلذلك يتحرر المسلم من ربقة تأثير الهوى على نفسه، فلا يستأمر لنزعاته ورغباته. بل يكون دائما مع الله ويرى مصلحته في اتباع أوامره سبحانه، وفي الازدجار عن نواهيه.

ولا يرضى أن يحتكم إلى غير الله تعالى وحكم رسوله (فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر، ذلك خير وأحسن تأويلا)، ويقول (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم، ثم لا يجدوا حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما).

4. الموالاة لله ورسوله والمؤمنين:

على المسلم أن يكون معتزا بصلته بالله تعالى ومعتزا بصلته بنبيه عليه الصلاة والسلام، وبعباد الله المؤمنين، وهذه هي حقيقة الموالاة، والله تعالى يقول (يا أيها الذين ءامنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء، تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق، يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم، إن كنتم خرجتم في سبيلي وأبتغاء مرضاتي، تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم، ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل، إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون).

إن هذه الموالاة تأتي من مرض نفساني يتغلغل في القلوب فيعمي بصيرتها، ويكدر سريرتها حتى تتخيل العز والخير في موالاة أعداء الله، قال تعالى (فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة، فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين).

وهذه الموالاة عندما يسترسل الإنسان فيها قد تؤدي إلى الإلحاد والعياذ بالله.

وبين الله تعالى من الذي ينبغي أن يحصر المسلم ولاءه له، فقال (إنما وليكم الله ورسوله والذين ءامنوا، الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون). والنتيجة (ومن يقل الله ورسوله والذين ءامنوا، فإن حزب الله هم الغالبون).

والمسلمون عندما يتوادون ويتحابون يكونون بمثابة الشخصية الواحدة فيكونون قوة في وجوه أعدائهم، وذلك بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يقول الله تعالى (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله). ومن الصفات اللازمة لهم، التواصي بالحق والتواصي بالصبر. والله تعالى يقول (وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا).

 

فعلى المسلم أن لا يرضى أن يترسم خطى أعداء الحق والدين الذين أمر الله سبحانه وتعالى بمنابذتهم وقطع الحبال الواصلة فيما بين المؤمنين وبينهم، فيستمد فقط من القرآن والسنة فالمؤمن يعتز أيما أعتزاز بما جاء به الله تعالى، ويرى المهانة والذل في تقليده لأعداء الحق والدين. وليكن متميزا في شخصيته: في قوله وفي عمله، في فكره وتصوره، في أخلاقه ومعاملاته، والشذوذ عن ذلك إنما هو ترك لما فرض الله سبحانه، وأعراض عن دينه.
 

5. الخوف والرجاء:

إن المؤمن يعلم أن الخوف إنما هو من الله وحده، وكذا الرجاء منه تعالى.

وزن صالح الأعمال بالخوف والرجاء ** هما جنة للصالحات وسور

وبذلك تصبح أعماله كلها متكيفة حسب أوامر الله تعالى ونهيه. الخوف هو أهم رادع عن المعاصي، والرجاء هو أهم دافع للطاعات، والخوف والرجاء هي من الصفات التي لا تنفك عن المؤمن يقول سبحانه (يدعون ربهم خوفا وطمعا).

 

ولا تجدي الموعظة فيمن لم يكن خائفا من الله، يقول تعالى (سيذكر من يخشى) ويقول (وذكر بالقرآن من يخاف وعيد)

ويتكرر هذا الخوف حتى في مقام الإحسان (والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون).

فالمؤمن يخشى التقصير، ويحس بهول الأمر، وبعظم المسؤولية،وأنه سينقلب إلى الله وسيسأل عما قدم وأخر، ولذلك كان الخوف يملئ قلبه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق