نظرة في التشريع
الإجتماعي في الإسلام (1) للشيخ الدكتور جابر السعدي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا ونبينا محمد صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فالسلام عليكم أيها الأباء الكرام والأخوة الأعزة ورحمة الله وبركاته
هذه التحية الإسلامية من ابن لكم وأخ، أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلني عند حسن ظنكم، وأن يعينني فيما أتيت في هذه الأمسية بصدده، وموضوع حديثي كما سمعتم من الأخ المقدم بارك الله فيه (نظرة في التشريع الاجتماعي في الإسلام)
وهذه النظرة، هي نظرة تعلم وتبصر وتبين، ولا شك أن الله سبحانه وتعالى أكرم هذه الأمة بل الإنسانية جمعاء بهذا التشريع العظيم، بهذا الدين الذي هو خاتم الأديان، دين الإسلام، فقد أخرج الله سبحانه وتعالى به الناس من الظلمات إلى النور، ومن الضلالة إلى الهدى، فالحمد لله سبحانه وتعالى، على هذا الفضل العظيم، وعلى هذه المنحة الجليلة.
ولا شك أن منزلة التشريع في كل حضارة من الحضارات منزلة عظيمة، وله مكانة في كل حضارة من الحضارات، فعنوان الحضارة هو تشريعها.
ذلك أن التشريع هو الذي يبيّن منهج الحضارة، ويجلي هوية الإنسان فيها. فالتشريع في الحضارات ينعكس على جميع جوانب حياة الناس، فهو يتناول جوانب حياتهم السياسية والاقتصادية والعبادية والاجتماعية.
وهو أيضا ينعكس على سلوك أولئك الأفراد، في تلك الحضارات، فسلوك الأمم ومناهجها ينبع من التشريع الذي تلتزم به، والمنهج الذي تسلكه، والعقيدة التي تعتقدها، كل ذلك ينعكس على سلوك أفرادها، وعلى علاقتهم مع بعضهم ومع غيرهم.
وقد أكرم الله سبحانه وتعالى هذه الأمة، كما أسلفت بتشريع رباني، ذلكم هو التشريع الإسلامي، دين الإسلام، فهذا التشريع تشريع من لدن الله سبحانه وتعالى.
ومن صفاته أنه ثابت القواعد والأصول، وهو نام في الفروع والجزئيات، فهو يتصف بصفة الثبات من حيث قواعده العامة وكلياته، وهو يتصف بصفة النمو من حيث جزئياته.
وهو بذلك يتكفّل بالحل لجميع، لكل، المشكلات التي تطرأ على الناس على مختلف مراحل الحياة، إذ لا يخفى على أحد منكم أن حياة الناس تتغيّر وتتبدّل بتغيّر العصور والأزمان، فكل زمن تختلف مشاكله وتختلف مظاهر الحياة فيه عما كان عليه الحال في عصور مضت. ولا شك أنه بهذا التغيّر والتبدّل تطرأ مشكلات وقضايا تلتزم وتستدعي حلولا شرعية.
والإسلام من خلال هذا النمو في الفروع كفيل بتوفير وإيجاد الحلول الشرعية لمثل تلك القضايا وتلك المشكلات. ولا شك أن من القواعد المعروفة، لا ينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان.
والتشريع الإسلامي، كما أسلفت، يتناول
ويتطرق إلى جميع جوانب حياة الناس، وهذا راجع إلى مفهوم الدين عندنا، فمفهوم الدين عندنا
معاشر المسلمين، يشمل جميع تصرفات الناس، وجميع ما يتعلق بهم في جوانب حياتهم وعلاقاتهم.
وقد طرأ بعض الخلل إلى بعض الناس في فهم الدين نتيجة لتصوّر مستورد للدين، إذ يتصوّر البعض أن مفهوم الدين هو علاقة خاصة بين الإنسان وبين ربه، وأما منهجه في تعامله وتدبير أمور حياته فهو أمر آخر لا يتناوله الدين ولا يشمله.
وهذا مفهوم لا يتفق والمفهوم الإسلامي للدين، فالدين يحكم جميع أحوال الإنسان، في تصرفاته، في حركاته، في سكناته، في تعامله مع ربه، مع غيره من المسلمين، كل ذلك يتناوله الإسلام، أي يتناوله التشريع الإسلامي.
بل تلك التصرفات التي يتصرفها الإنسان لا تخلو من أحكام التشريع الخمسة، التي هي الواجب أو المندوب أو المحرم أو المكروه، أو المباح, هذه الأحكام لا تشذ عنها تصرفات الناس في شريعة الإسلام، فما لم يكن فيه تشريع فهو مباح، وهناك قواعد تحكم هذه المسألة ليس هذا مقام بسطها.
لقد قدمت أن من الجوانب التي حكمها ونظمها الإسلام في التشريع الإسلامي هي الجوانب الاجتماعية، وأعني بالجوانب الاجتماعية علاقة الناس ببعضهم البعض في مجتمعهم.
وهذا الجانب الذي هو التشريع الاجتماعي منطلقه موازنة الشريعة بين الفردية والاجتماعية، فالشريعة كونها ربانية المصدر جاءت معجزة في هذا الشأن.
وقد طرأ بعض الخلل إلى بعض الناس في فهم الدين نتيجة لتصوّر مستورد للدين، إذ يتصوّر البعض أن مفهوم الدين هو علاقة خاصة بين الإنسان وبين ربه، وأما منهجه في تعامله وتدبير أمور حياته فهو أمر آخر لا يتناوله الدين ولا يشمله.
وهذا مفهوم لا يتفق والمفهوم الإسلامي للدين، فالدين يحكم جميع أحوال الإنسان، في تصرفاته، في حركاته، في سكناته، في تعامله مع ربه، مع غيره من المسلمين، كل ذلك يتناوله الإسلام، أي يتناوله التشريع الإسلامي.
بل تلك التصرفات التي يتصرفها الإنسان لا تخلو من أحكام التشريع الخمسة، التي هي الواجب أو المندوب أو المحرم أو المكروه، أو المباح, هذه الأحكام لا تشذ عنها تصرفات الناس في شريعة الإسلام، فما لم يكن فيه تشريع فهو مباح، وهناك قواعد تحكم هذه المسألة ليس هذا مقام بسطها.
لقد قدمت أن من الجوانب التي حكمها ونظمها الإسلام في التشريع الإسلامي هي الجوانب الاجتماعية، وأعني بالجوانب الاجتماعية علاقة الناس ببعضهم البعض في مجتمعهم.
وهذا الجانب الذي هو التشريع الاجتماعي منطلقه موازنة الشريعة بين الفردية والاجتماعية، فالشريعة كونها ربانية المصدر جاءت معجزة في هذا الشأن.
ذلك أن التشريعات البشرية التي
اختطها الناس لأنفسهم وشرعوها استجلابا للحلول التي يطلبونها للمشكلات التي تعترضهم، غالبا ما
يعتريها النقص.
وهذا قانون تصرفات الإنسان، فالإنسان بطبيعته مجبول على النقص، فالكمال لله وحده.
وقد عانت البشرية ردحا من الزمن في صقع من أصقاع الأرض لتحكم فئة من الناس فكان الواحد يتحكم في مجموع الناس، وذلك في العصور الإقطاعية، وقد طال ذلك فتململ الناس وثاروا على هذا الوضع، وقاموا عليه وانفلتوا منه.
وكانت النتيجة أن تمسكوا بالنقيض فلجئوا إلى الفردية، أو إلى الحرية المطلقة، وانعكست هذه الفردية على التشريعات التي تبنوها واتخذوها ، وذلك مشاهد في النظام الرأسمالي.
وقد نشأ نظام كردة فعل لهذا النظام وهو النظام الاشتراكي القائم على الاجتماعية وإلغاء حقوق الفرد، فكان الفرد في النظام الأول وما يزال هو المحور الذي يدور عليه التشريع، فحرية الفرد في هذا التشريع، التشريع الرأسمالي، مقدسة، فالفرد يتصرف في نفسه كيفما يشاء، وفي ماله كيفما يشاء.
والأمر بخلافه في التشريع الاشتراكي فالفرد ملغً في ذلك التشريع، وما هو إلا أحد الأعمدة التي تدور عليه عجلة المجتمع، فالدولة التي نابت عن المجتمع هي التي تملك كل شيء، حتى إنهم ألغوا الحق أو الملكية الفردية في ذلك النظام الذي هو النظام الاشتراكي، فكانت العاقبة أن تململ الناس و تعرفون ما حل بذلك النظام من انفلات الناس واندثار رسومه يكاد في وقتنا الحاضر.
وهذا ديدن التشريعات البشرية لأنها مبنية على ردود الأفعال، الإنسان بطبيعته إذا عانى من شيء ما وتولد لديه الكبت والضغط فإنه ينفجر وغالبا ما ينفجر إلى النقيض.
أما الشريعة فمن سماتها، كونها ربانية المصدر، فمن سماتها الوسطية، فقد راعت الشريعة الملكية الفردية، فالشخص له حق التملك، لكن الحق الشخصي منظور فيه إلى الحق الاجتماعي.
وهذا قانون تصرفات الإنسان، فالإنسان بطبيعته مجبول على النقص، فالكمال لله وحده.
وقد عانت البشرية ردحا من الزمن في صقع من أصقاع الأرض لتحكم فئة من الناس فكان الواحد يتحكم في مجموع الناس، وذلك في العصور الإقطاعية، وقد طال ذلك فتململ الناس وثاروا على هذا الوضع، وقاموا عليه وانفلتوا منه.
وكانت النتيجة أن تمسكوا بالنقيض فلجئوا إلى الفردية، أو إلى الحرية المطلقة، وانعكست هذه الفردية على التشريعات التي تبنوها واتخذوها ، وذلك مشاهد في النظام الرأسمالي.
وقد نشأ نظام كردة فعل لهذا النظام وهو النظام الاشتراكي القائم على الاجتماعية وإلغاء حقوق الفرد، فكان الفرد في النظام الأول وما يزال هو المحور الذي يدور عليه التشريع، فحرية الفرد في هذا التشريع، التشريع الرأسمالي، مقدسة، فالفرد يتصرف في نفسه كيفما يشاء، وفي ماله كيفما يشاء.
والأمر بخلافه في التشريع الاشتراكي فالفرد ملغً في ذلك التشريع، وما هو إلا أحد الأعمدة التي تدور عليه عجلة المجتمع، فالدولة التي نابت عن المجتمع هي التي تملك كل شيء، حتى إنهم ألغوا الحق أو الملكية الفردية في ذلك النظام الذي هو النظام الاشتراكي، فكانت العاقبة أن تململ الناس و تعرفون ما حل بذلك النظام من انفلات الناس واندثار رسومه يكاد في وقتنا الحاضر.
وهذا ديدن التشريعات البشرية لأنها مبنية على ردود الأفعال، الإنسان بطبيعته إذا عانى من شيء ما وتولد لديه الكبت والضغط فإنه ينفجر وغالبا ما ينفجر إلى النقيض.
أما الشريعة فمن سماتها، كونها ربانية المصدر، فمن سماتها الوسطية، فقد راعت الشريعة الملكية الفردية، فالشخص له حق التملك، لكن الحق الشخصي منظور فيه إلى الحق الاجتماعي.
وهذا كلام عليه أدلة واقعية من مفردات
التشريع الإسلامي:
مثلا الله سبحانه وتعالى أحل البيع، الله سبحانه وتعالى يقول (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا )(البقرة 275)، فالبيع يحق للإنسان أن يقوم به، وأن يسعى من خلاله إلى تحصيل الرزق، لكن التشريع الإسلامي قيده في بعض الأوقات وفي بعض الحالات مراعاة للحق الاجتماعي، حق الجماعة.
فالتاجر إذا اشترى سلعة ومن باب حرية التصرف أراد أن يرجئ بيعها، ويرفعها إلى وقت آخر، بحيث كانت تلك السلعة محصورة عنده مع حاجة الناس إليها، أو اقتصر بيع تلك السلعة عليه بسعي منه، وهو ما يسمى بالاحتكار، أي احتكر بيع تلك السلعة، فهذا أمر محرم. فالاحتكار لا يجوز، مع أن القياس يقتضي أنه إذا اشترى الشخص سلعة، فالشراء له جائز وله أن يبيع في أي وقت شاء، لكن لما كان الأثر مضرا للعموم مسلمين أو بأفراد المجتمع، كان هذا التصرف محرما.
كذلك أيضا نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تلقي السوالع، أو عن تلقي الركبان، والسوالع هي الإبل التي تأتي محملة بالسلع، أو بالمعروضات التجارية أو بالأغذية أو غيرها من مكان آخر، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتي التاجر فيتلقى هذه السلع، قبل السوق فيشتريها، ثم يبيعها بمعرفته، فيتحكم في بيعها ، وذلك دفعا لما قد يلحق الناس من ضرر بسبب ذلك.
كذلك نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيع الحاضر للبادي، فإذا كان هناك أناس من أهل القرى أو من أهل البادية، يأتون بسلع إلى السوق، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتي الحضري من أهل السوق فيبيع هذه السلعة بمعرفته، فيكون له سمسارا يتحكم في السلعة كيفما يشاء فيضر بأهل السوق.
لأن الغالب لهؤلاء الناس القادمين، أنهم يبيعون بما يسمى ببيع النداء، يأتي الناس للسلعة الزراعية أو التجارية أو غيرها فينادى لها في السوق، فيكون غالبا سعرها فيه شيء من اليسر، في متناول أيدي عامة الناس لأن رفع الثمن يكون من قبل الناس الحاضرين ، فيزيد العرض ويقل الطلب فتكون النتيجة أن السعر يكون مقبولا أو متيسرا لأغلب الناس، بخلاف إذا ما تحكم فيها ذلك الشخص الحضري، فإنه يبيعها بمعروض قليل، شيئا فشيئا بالسعر الذي يتحكم فيه، مع أن البيع والشراء كما أخبرتكم مباح، لكنه ممنوع في هذه الحالة، كل ذلك مراعاة للحق الاجتماعي.
إذا الشريعة وسط بين الفردية والاجتماعية، فهي راعت حقوق الأفراد، وراعت حقوق المجتمع، وهذه من ميزات التشريع الإسلامي.
مثلا الله سبحانه وتعالى أحل البيع، الله سبحانه وتعالى يقول (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا )(البقرة 275)، فالبيع يحق للإنسان أن يقوم به، وأن يسعى من خلاله إلى تحصيل الرزق، لكن التشريع الإسلامي قيده في بعض الأوقات وفي بعض الحالات مراعاة للحق الاجتماعي، حق الجماعة.
فالتاجر إذا اشترى سلعة ومن باب حرية التصرف أراد أن يرجئ بيعها، ويرفعها إلى وقت آخر، بحيث كانت تلك السلعة محصورة عنده مع حاجة الناس إليها، أو اقتصر بيع تلك السلعة عليه بسعي منه، وهو ما يسمى بالاحتكار، أي احتكر بيع تلك السلعة، فهذا أمر محرم. فالاحتكار لا يجوز، مع أن القياس يقتضي أنه إذا اشترى الشخص سلعة، فالشراء له جائز وله أن يبيع في أي وقت شاء، لكن لما كان الأثر مضرا للعموم مسلمين أو بأفراد المجتمع، كان هذا التصرف محرما.
كذلك أيضا نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تلقي السوالع، أو عن تلقي الركبان، والسوالع هي الإبل التي تأتي محملة بالسلع، أو بالمعروضات التجارية أو بالأغذية أو غيرها من مكان آخر، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتي التاجر فيتلقى هذه السلع، قبل السوق فيشتريها، ثم يبيعها بمعرفته، فيتحكم في بيعها ، وذلك دفعا لما قد يلحق الناس من ضرر بسبب ذلك.
كذلك نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيع الحاضر للبادي، فإذا كان هناك أناس من أهل القرى أو من أهل البادية، يأتون بسلع إلى السوق، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتي الحضري من أهل السوق فيبيع هذه السلعة بمعرفته، فيكون له سمسارا يتحكم في السلعة كيفما يشاء فيضر بأهل السوق.
لأن الغالب لهؤلاء الناس القادمين، أنهم يبيعون بما يسمى ببيع النداء، يأتي الناس للسلعة الزراعية أو التجارية أو غيرها فينادى لها في السوق، فيكون غالبا سعرها فيه شيء من اليسر، في متناول أيدي عامة الناس لأن رفع الثمن يكون من قبل الناس الحاضرين ، فيزيد العرض ويقل الطلب فتكون النتيجة أن السعر يكون مقبولا أو متيسرا لأغلب الناس، بخلاف إذا ما تحكم فيها ذلك الشخص الحضري، فإنه يبيعها بمعروض قليل، شيئا فشيئا بالسعر الذي يتحكم فيه، مع أن البيع والشراء كما أخبرتكم مباح، لكنه ممنوع في هذه الحالة، كل ذلك مراعاة للحق الاجتماعي.
إذا الشريعة وسط بين الفردية والاجتماعية، فهي راعت حقوق الأفراد، وراعت حقوق المجتمع، وهذه من ميزات التشريع الإسلامي.
والتشريع الاجتماعي يتناول جانبا مهما
من حياة الناس وهو الجانب الخلقي.
وكل تشريع خلا من تنظيم هذا الجانب يتصف بالخلل ومصيره التخبط، ولا شك أن كل ما لم يكن من لدن الله هو حكم بغير أمر الله فما له من مصير غير ذلك.
الجوانب الخلقية نظمتها الشريعة، ونظمها التشريع الإسلامي، وقد نظمها ديانة وقضاء، فهناك جانبان للتشريع الإسلامي، الجانب الدياني والجانب القضائي.
الجانب الدياني هو ما يتعلق بين الإنسان وبين ربه، هذا جانب تفرد به التشريع الإسلامي أيضا، فكل ما كان من تشريع وضعي ينظم الجوانب القضائية، ولا دخل له في الجانب الدياني، أما التشريع الإسلامي فيوجد فيه هذا الجانب.
هذا الجانب هو ضمانة أخرى لتسهيل علاقة الناس واتساق معاملاتهم ببعضهم البعض. لأنه قد يستطيع بعض الناس من خلال ما أوتيه من قوة حجة أو إمعان في التحايل والمكر والخداع من التلبيس على بعض الناس، ولا شك أن القضاء مبناه البيّنة على المدعي واليمين على من أنكر، فالقضاء مبناه الحكم بالظاهر على الدلائل والوقائع الظاهرة، فإن استطاع ذلك الشخص المتحايل أن يثبت ما يدل على أنه صاحب ذلك الحق، فقد يحكم له القضاء بذلك، وهذا الحكم في التشريع الإسلامي ظاهرا ينفذ لكنه بينه وبين الله يظل عاصيا آثما، آكلا للسحت، آخذا مال غيره بالحرام.
والأمر ليس كذلك في التشريعات الوضعية، فالتشريعات الوضعية تنص على أنه إذا كان التصرف قانونيا فلا يستطيع القضاء أن يمس بالشخص، ولا يؤثر ذلك في سمعته أو في أمر من أموره، لأن تصرفه أو وضعه قانوني.
أما الشريعة فتظل تلاحق ذلك الشخص، وقد ورد في ذلك حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (إنما أنا بشر مثلكم، أحكم بينكم على نحو ما أسمع، فلعل بعضكم ألحن بحجته من بعض، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه، فلا يحل له أخذه، فإنما أقتطع له قطعة من جهنم).
فبيّن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الحكم القضائي لا يقلب الحلال حراما، أو لا يقلب الحق باطلا، وإن نجح ذلك الشخص في حشد الأدلة والبيّنات واستأثر بذلك الحق ظاهرا، لكنه يظل عند الله من الظالمين.
هذا هو الحكم الدياني، يعني ديانة فيما بينه وبين ربه.
أما قضاء فهو حكم آخر، هذا الحكم الدياني الذي تميّز به التشريع، كان له أثر فعّال في حسم مادة الفساد، وقطع دابر الشقاق والخلاف، كيف ذلك، لأنه ربى عند المسلم الوازع الذاتي، والرقيب النفسي الداخلي.
فالمسلم الذي يعلم أن الله مطّلع عليه، وأنه سبحانه وتعالى سيحاسبه ويعاقبه على هذا التصرف الذي أخذه بوجه مشروع ظاهرا، يظل ضميره ودينه وعقيدته ونفسه تؤنبه، ويخاف من مؤاخذه الله سبحانه وتعالى، لأنه بمقتضى عقيدته يوقن أنه أخذ مالا حراما، لا يحق له أخذه، بخلاف الأمر بالنسبة، كما أخبرتكم، للتشريعات البشريّة أو الوضعيّة.
وكل تشريع خلا من تنظيم هذا الجانب يتصف بالخلل ومصيره التخبط، ولا شك أن كل ما لم يكن من لدن الله هو حكم بغير أمر الله فما له من مصير غير ذلك.
الجوانب الخلقية نظمتها الشريعة، ونظمها التشريع الإسلامي، وقد نظمها ديانة وقضاء، فهناك جانبان للتشريع الإسلامي، الجانب الدياني والجانب القضائي.
الجانب الدياني هو ما يتعلق بين الإنسان وبين ربه، هذا جانب تفرد به التشريع الإسلامي أيضا، فكل ما كان من تشريع وضعي ينظم الجوانب القضائية، ولا دخل له في الجانب الدياني، أما التشريع الإسلامي فيوجد فيه هذا الجانب.
هذا الجانب هو ضمانة أخرى لتسهيل علاقة الناس واتساق معاملاتهم ببعضهم البعض. لأنه قد يستطيع بعض الناس من خلال ما أوتيه من قوة حجة أو إمعان في التحايل والمكر والخداع من التلبيس على بعض الناس، ولا شك أن القضاء مبناه البيّنة على المدعي واليمين على من أنكر، فالقضاء مبناه الحكم بالظاهر على الدلائل والوقائع الظاهرة، فإن استطاع ذلك الشخص المتحايل أن يثبت ما يدل على أنه صاحب ذلك الحق، فقد يحكم له القضاء بذلك، وهذا الحكم في التشريع الإسلامي ظاهرا ينفذ لكنه بينه وبين الله يظل عاصيا آثما، آكلا للسحت، آخذا مال غيره بالحرام.
والأمر ليس كذلك في التشريعات الوضعية، فالتشريعات الوضعية تنص على أنه إذا كان التصرف قانونيا فلا يستطيع القضاء أن يمس بالشخص، ولا يؤثر ذلك في سمعته أو في أمر من أموره، لأن تصرفه أو وضعه قانوني.
أما الشريعة فتظل تلاحق ذلك الشخص، وقد ورد في ذلك حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (إنما أنا بشر مثلكم، أحكم بينكم على نحو ما أسمع، فلعل بعضكم ألحن بحجته من بعض، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه، فلا يحل له أخذه، فإنما أقتطع له قطعة من جهنم).
فبيّن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الحكم القضائي لا يقلب الحلال حراما، أو لا يقلب الحق باطلا، وإن نجح ذلك الشخص في حشد الأدلة والبيّنات واستأثر بذلك الحق ظاهرا، لكنه يظل عند الله من الظالمين.
هذا هو الحكم الدياني، يعني ديانة فيما بينه وبين ربه.
أما قضاء فهو حكم آخر، هذا الحكم الدياني الذي تميّز به التشريع، كان له أثر فعّال في حسم مادة الفساد، وقطع دابر الشقاق والخلاف، كيف ذلك، لأنه ربى عند المسلم الوازع الذاتي، والرقيب النفسي الداخلي.
فالمسلم الذي يعلم أن الله مطّلع عليه، وأنه سبحانه وتعالى سيحاسبه ويعاقبه على هذا التصرف الذي أخذه بوجه مشروع ظاهرا، يظل ضميره ودينه وعقيدته ونفسه تؤنبه، ويخاف من مؤاخذه الله سبحانه وتعالى، لأنه بمقتضى عقيدته يوقن أنه أخذ مالا حراما، لا يحق له أخذه، بخلاف الأمر بالنسبة، كما أخبرتكم، للتشريعات البشريّة أو الوضعيّة.
التشريع الاجتماعي تميّز من ضمن ما
تميّز به في الشريعة الإسلامية بعنايته التامة البالغة بالجوانب الخلقية، جوانب الأخلاق
والقيّم.
جوانب الأخلاق والقيّم لها قدر كبير ومنزلة عظمى في هذا التشريع.
هذه الجوانب أو القيّم الخلقية لم يعتبرها، كما أسلفت، التشريع الإسلامي ديانة فقط، أو جعلها خاصة للشخص نفسه، لا، حسمها وأرسى قواعدها حكما قضائيا دنيويّا.
مثلا علاقة الإنسان بقريبه، الأصل من حيث الملكيّة الماليّة أن كل أحد أحق بماله، ولا يحل لمسلم أن يأخذ مال غيره من المسلمين إلا بوجه حق، لكن لو أملق ذلك القريب أو افتقر وعجز عن الإنفاق على نفسه فإن التشريع الإسلامي حكم له قضاء بالنفقة، وهذا حكم قضائي، فلم تكن هذه السمة التي هي سمة التكافل مثلا، قيمة خلقية راجعة إلى تصرف الشخص نفسه، لا، أصبحت حكما قضائيا تشريعيا واقعا،يمارسه القضاء.
أيضا نهى الرسول صلى الله عليه وسلم المسلم أن يساوم على سوم أخيه أو يخطب على خطبة أخيه، وهذا نهي له أثر قضائي إن ثبت بالبيّنة والدليل عند القضاء.
كذلك الأمثلة السابقة التي قدمتها لكم، النهي عن الاحتكار، النهي عن النجش، والنجش هو أن يزيد الشخص في سلعته عند النداء، يعني الشخص الذي يريد أن بيع سلعة، وينادى عليها والسلعة تخصه، فهي ملكه، فيزيد عليها بنفسه، هذا محرم ومؤاخذ عليه قضاء لو ثبت بالدليل والبينة.
وهكذا، فهذه القيّم الخلقية ليست خاضعة لأهواء الناس، أو تصرفاتهم، لا، هي ممارسة ومنزلة واقعا ملموسا من خلال الحكم القضائي الشرعي.
جوانب الأخلاق والقيّم لها قدر كبير ومنزلة عظمى في هذا التشريع.
هذه الجوانب أو القيّم الخلقية لم يعتبرها، كما أسلفت، التشريع الإسلامي ديانة فقط، أو جعلها خاصة للشخص نفسه، لا، حسمها وأرسى قواعدها حكما قضائيا دنيويّا.
مثلا علاقة الإنسان بقريبه، الأصل من حيث الملكيّة الماليّة أن كل أحد أحق بماله، ولا يحل لمسلم أن يأخذ مال غيره من المسلمين إلا بوجه حق، لكن لو أملق ذلك القريب أو افتقر وعجز عن الإنفاق على نفسه فإن التشريع الإسلامي حكم له قضاء بالنفقة، وهذا حكم قضائي، فلم تكن هذه السمة التي هي سمة التكافل مثلا، قيمة خلقية راجعة إلى تصرف الشخص نفسه، لا، أصبحت حكما قضائيا تشريعيا واقعا،يمارسه القضاء.
أيضا نهى الرسول صلى الله عليه وسلم المسلم أن يساوم على سوم أخيه أو يخطب على خطبة أخيه، وهذا نهي له أثر قضائي إن ثبت بالبيّنة والدليل عند القضاء.
كذلك الأمثلة السابقة التي قدمتها لكم، النهي عن الاحتكار، النهي عن النجش، والنجش هو أن يزيد الشخص في سلعته عند النداء، يعني الشخص الذي يريد أن بيع سلعة، وينادى عليها والسلعة تخصه، فهي ملكه، فيزيد عليها بنفسه، هذا محرم ومؤاخذ عليه قضاء لو ثبت بالدليل والبينة.
وهكذا، فهذه القيّم الخلقية ليست خاضعة لأهواء الناس، أو تصرفاتهم، لا، هي ممارسة ومنزلة واقعا ملموسا من خلال الحكم القضائي الشرعي.
القيّم الخلقية في حقيقة الأمر لها
أصل أصيل في هذا الجانب، الذي هو التشريع الاجتماعي، وهي متنوعة وكثيرة.
أحد هذه القيّم التي أريد أن أتطرق إليها في هذه الأمسية: قيمة أو مبدأ الأخوة
فمبدأ الأخوة، أي خلق الأخوة، هو خلق أصيل ومبدأ من مبادئ علاقة المسلم بغيره، فالله سبحانه وتعالى يقول (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)(الحجرات: 10)، وقد أمتن الله سبحانه وتعالى على المسلمين بهذه القيمة الخلقية، فقال سبحانه( َاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً )(آل عمران:130).
فهذه القيمة، قيمة الأخوة أو مبدأ الأخوة تحكم علاقات المسلمين فيما بينهم، ينطلقون منها في تعاملهم مع غيرهم من المسلمين، أي أن المسلم يتعامل مع غيره على هذا المبدأ، على أن المسلم الآخر هو أخو له، انطلاقا مما ذكرت لكم من الأدلة.
هذا المبدأ أو هذه الخصيصة لها مقتضيات، ولها آثار، إذ كما أسلفت، ليست هذه القيّم قيّم نظرية، لا، ينبغي أن تكون، وقد كانت واقعا ملموسا معاشا يعيشه الناس المسلمون خلال ممارستهم لحياتهم.
ويتجلى ذلك في عدة مظاهر، في تعاملهم مع بعضهم، عنايتهم بغيرهم من أفراد المجتمع، وهكذا، إذ الإسلام تشريع واقعي، ولم يكن يوما تشريعا نظريا، فمن خصائص التشريع الإسلامي الواقعية، هو دين يحكم واقع الناس، فينظم علاقة الناس ببعضهم، وينظم علاقتهم بربهم. فهذه الخصيصة التي هي مبدأ الأخوة ليست كلاما يقال، أو شعارا يرفع، لا، ينبغي أن تكون واقعا يعيشه الناس، كما قلت وينزلونه على واقع حياتهم.
من مقتضيات هذا المبدأ النصرة، انطلاقا من مبدأ الأخوة، فالأخ ينصر أخاه، لو كان المسلم في ضائقة سواء كانت هذه الضائقة ضائقة مالية أو ضائقة سياسية مثلا أو غيرها فإنه يجب على المسلم بمقتضى هذه الخصيصة أن ينصر أخاه، انطلاقا من مبدأ الأخوة، إنما المؤمنون أخوة.
أيضا من مقتضياتها النصح والتناصح، فمقتضى الأخوة أن يكون المسلم حريصا على ما ينفع أخاه، حرصه على نفسه وعلى مصلحة نفسه، فهو يحب لأخيه من الخير ما يحبه لنفسه، فإن رأى على أحد إخوانه في سلوكه أو في عبادته أو في تعامله، ما فيه سبب لفساد أمره أو إدخال ضرر عليه، فمقتضى الأخوة أن يأخذ بيده، وهو التناصح والتعاون على الخير والتعاون على البر والتقوى. فينبغي للمسلمين انطلاقا من هذا المبدأ أن يتعاونوا على ما ينفعهم.
وهناك مقتضيات كثيرة لهذا المبدأ، لكن أكتفي بما ذكرت مما يقتضيه هذا المبدأ.
أحد هذه القيّم التي أريد أن أتطرق إليها في هذه الأمسية: قيمة أو مبدأ الأخوة
فمبدأ الأخوة، أي خلق الأخوة، هو خلق أصيل ومبدأ من مبادئ علاقة المسلم بغيره، فالله سبحانه وتعالى يقول (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)(الحجرات: 10)، وقد أمتن الله سبحانه وتعالى على المسلمين بهذه القيمة الخلقية، فقال سبحانه( َاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً )(آل عمران:130).
فهذه القيمة، قيمة الأخوة أو مبدأ الأخوة تحكم علاقات المسلمين فيما بينهم، ينطلقون منها في تعاملهم مع غيرهم من المسلمين، أي أن المسلم يتعامل مع غيره على هذا المبدأ، على أن المسلم الآخر هو أخو له، انطلاقا مما ذكرت لكم من الأدلة.
هذا المبدأ أو هذه الخصيصة لها مقتضيات، ولها آثار، إذ كما أسلفت، ليست هذه القيّم قيّم نظرية، لا، ينبغي أن تكون، وقد كانت واقعا ملموسا معاشا يعيشه الناس المسلمون خلال ممارستهم لحياتهم.
ويتجلى ذلك في عدة مظاهر، في تعاملهم مع بعضهم، عنايتهم بغيرهم من أفراد المجتمع، وهكذا، إذ الإسلام تشريع واقعي، ولم يكن يوما تشريعا نظريا، فمن خصائص التشريع الإسلامي الواقعية، هو دين يحكم واقع الناس، فينظم علاقة الناس ببعضهم، وينظم علاقتهم بربهم. فهذه الخصيصة التي هي مبدأ الأخوة ليست كلاما يقال، أو شعارا يرفع، لا، ينبغي أن تكون واقعا يعيشه الناس، كما قلت وينزلونه على واقع حياتهم.
من مقتضيات هذا المبدأ النصرة، انطلاقا من مبدأ الأخوة، فالأخ ينصر أخاه، لو كان المسلم في ضائقة سواء كانت هذه الضائقة ضائقة مالية أو ضائقة سياسية مثلا أو غيرها فإنه يجب على المسلم بمقتضى هذه الخصيصة أن ينصر أخاه، انطلاقا من مبدأ الأخوة، إنما المؤمنون أخوة.
أيضا من مقتضياتها النصح والتناصح، فمقتضى الأخوة أن يكون المسلم حريصا على ما ينفع أخاه، حرصه على نفسه وعلى مصلحة نفسه، فهو يحب لأخيه من الخير ما يحبه لنفسه، فإن رأى على أحد إخوانه في سلوكه أو في عبادته أو في تعامله، ما فيه سبب لفساد أمره أو إدخال ضرر عليه، فمقتضى الأخوة أن يأخذ بيده، وهو التناصح والتعاون على الخير والتعاون على البر والتقوى. فينبغي للمسلمين انطلاقا من هذا المبدأ أن يتعاونوا على ما ينفعهم.
وهناك مقتضيات كثيرة لهذا المبدأ، لكن أكتفي بما ذكرت مما يقتضيه هذا المبدأ.
هناك
خوارم لهذه الصفة، خوارم يعني عوائق، يعني مشكلات،
تفسد الآثار المترتبة على هذه الصفة.
من هذه الخوارم الفوارق التي جبل الله تعالى ناس عليها والاختلاف الذي هو حاصل بين الناس، فالناس مختلفون في أمزجتهم، فمنهم سريع الغضب، ومنهم البطيء، ومنهم الغني ومنهم الفقير، ومنهم العالم ومنهم الجاهل، وهكذا.
فهذه الفوارق قد تعود سلبا على مقتضيات هذا المبدأ الذي هو مبدأ الأخوة، قد تطغى على الأثر الذي ينبغي أن يترتب على هذه الخصيصة أو على هذه السمة، التي هي من سمات المؤمنين.
مثلا الفوارق الموجودة بين الناس من حيث المعرفة وعدمها، فقد ينعم الله سبحانه وتعالى على بعض الناس بالفقه في الدين، وقد يكون غيره أقل منه وهكذا، الناس يتفاوتون بحسب اجتهادهم، وبحسب سعيهم، وأخيرا بحسب توفيق الله سبحانه وتعالى لهم، الناس متفاوتون في ذلك كما يتفاوتون في القوة البدنية، كما يتفاوتون في الملكات الجسدية يتفاوتون أيضا في الرزق الذي يقسمه الله سبحانه وتعالى على كل واحد منهم.
فعلاقة الفقيه بغيره ينبغي أن تحكمها هذه الصفة، التي هي صفة الأخوة، فالفقيه أو العالم هو أخو لكل واحد من المسلمين، ومقتضى هذه الأخوة أن يأخذ بأيديهم، أو بأيدي من استطاع الأخذ بأيدي منهم إلى الخير وإلى الصلاح، هذا الأخذ وهذا النصح، لا يعني بحال من الأحوال مصادرة الفكر، كما يتوهم البعض، أو الحكر على الناس، أو التسلط عليهم، أو تدليلهم، لا، كل ذلك ليس بصحيح.
منطلق هذا النصح، وهذا التناصح ينبغي أن يكون الأخوة التي مقتضاها المودة، والمحبة والألفة والتناصح والتعاون على البر والتقوى، والسعي إلى الخير.
وهذا الأمر إنما كان واقعا يعيشه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في تعاملهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتعامل المسلمين مع رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام، مع كونه يوحى إليه وهو أفضل الخلق على الإطلاق كان منطلقه المودة والمحبة والألفة، ولم يكن منطلقه القهر والتسلط، لا أبدا، بل كان الصحابة يحبون الرسول صلى الله عليه وسلم حبا جما، وهذا أمر واضح، قد ذكره الله سبحانه وتعالى في كتابه،قال (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ)(الفتح: 29) فعلاقتهم وشيجتها الرحمة، وعلاقتهم وشيجتها الأخوة والتناصح والتواد والتراحم.
بذلك يكون المجتمع المسلم متماسكا، يكون ساعيا إلى الخير بقوة وبثبات، ولا شك أن فساد ذات البين هي الحالقة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين (وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ)(لأنفال: 46)، أي قوتكم وعزتكم وهيبتكم، إذا دب التدابر والتنازع ذهبت هيبة الأمة، وتفكك المجتمع، وكانت الفرقة، وذلك مما لا تقصده الشريعة أصلا.
فعلاقة الفقيه بغيره، أسوة برسول الله صلى الله عليه وسلم، وانطلاقا قبل ذلك من الأدلة القرآنية مبناها الأخوة والمودة والتراحم وحب الخير، فالفقيه ليس حفيظا على الناس، وليس وكيلا عليهم، لا، يوم القيامة سوف يحاسب كل أحد بنفسه، لن يحاسب أحد عن أحد، فلن يحاسب الفقيه عن غيره، لا يسأل عن نفسه وعن عمله، كل بحسب الأمان وبحسب ما متن الله سبحانه وتعالى عليه، وكذلك أيضا الإنسان المسلم سوف يحاسب عن نفسه، الله تعالى يقول (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا)(النحل: 111) (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا)(فصلت: 46)، وقال سبحانه ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)(الزمر: 7).
دور الفقيه أن يعين، بل واجبه، ومقتضى الأمانة والفضل الذي منّ الله سبحانه وتعالى عليه أن يأخذ بأيد إخوانه، ولئن كان الإنسان الذي لا يعرف حكما شرعيا، أو لا يعرف ما أمر الله تعالى في أمر ما، مأمورا بالتوجه إلى من منّ الله به عليه من المسلمين بمعرفة ذلك، لئن كان الشخص هذا مأمورا بالسؤال.
فالفقيه مأمور بخفض الجناح لهذا السائل، وبسعة الصدر، وبالحرص على إيصال الخير وإيصال الصواب إلى ذلك السائل، لأن مقتضى العلم يقتضي أن العبء الأكبر في التحمل متوجه إلى الفقيه، فينبغي للفقيه أن يكون رحب الصدر، أن يخفض الجناح، أن يصبر على عدم معرفة من لا يعرف.
وذلك أيضا مأخوذ من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهناك أحاديث وردت عن الأعرابي الذي بال في المسجد، فهم الصحابة أن يوقفوه، أشاروا إليه أن مه، أي أمسك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوه لا تزرموه، أي لا تقطعوا عليه بوله، فلما فرغ أخذه فقال له يا ابن أخي إن هذه المساجد جعلت للصلاة ولذكر الله، فلا تصلح لشيء من هذه القاذورات، وأمر بأن يصب ذنوب من ماء، يعني دلو من ماء على الأذى الذي أحدثه.
هذا الخلق ينبغي أن يكون ماثلا بين يدي الفقيه طلبا للأجر والثواب، وتأسيا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
إذا كان الأمر كذلك أي كانت العلاقة بين أفراد المجتمع، فقهائهم وعامتهم، رؤسائهم ومرؤسيهم، علاقة أخوة، وعلاقة تراحم، وعلاقة تكاتف، فيومئذ سيكون المجتمع بخير، وسنرى القيّم الخلقيّة ماثلة، وسوف نجني آثارها بإذن الله سبحانه وتعالى.
وأكتفي بهذا القدر، في هذه الجلسة، على أمل أن أتطرق إلى جوانب أخرى إن شاء الله في جلسة قادمة إن شاء الله من القيّم الخلقية من التشريع الاجتماعي في الإسلام.
والله سبحانه وتعالى ولي التوفيق، وهو سبحانه وتعالى نعم المولى ونعم النصير، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وهكذا تمت المحاضرة الأولى من هذه السلسلة المباركة، سلسلة التشريع الإجتماعي في الإسلام، وسوف أقوم ابتداء من الغد إن شاء الله تعالى بنقل المحاضرة الثانية فيها. والله ولي التوفيق
من هذه الخوارم الفوارق التي جبل الله تعالى ناس عليها والاختلاف الذي هو حاصل بين الناس، فالناس مختلفون في أمزجتهم، فمنهم سريع الغضب، ومنهم البطيء، ومنهم الغني ومنهم الفقير، ومنهم العالم ومنهم الجاهل، وهكذا.
فهذه الفوارق قد تعود سلبا على مقتضيات هذا المبدأ الذي هو مبدأ الأخوة، قد تطغى على الأثر الذي ينبغي أن يترتب على هذه الخصيصة أو على هذه السمة، التي هي من سمات المؤمنين.
مثلا الفوارق الموجودة بين الناس من حيث المعرفة وعدمها، فقد ينعم الله سبحانه وتعالى على بعض الناس بالفقه في الدين، وقد يكون غيره أقل منه وهكذا، الناس يتفاوتون بحسب اجتهادهم، وبحسب سعيهم، وأخيرا بحسب توفيق الله سبحانه وتعالى لهم، الناس متفاوتون في ذلك كما يتفاوتون في القوة البدنية، كما يتفاوتون في الملكات الجسدية يتفاوتون أيضا في الرزق الذي يقسمه الله سبحانه وتعالى على كل واحد منهم.
فعلاقة الفقيه بغيره ينبغي أن تحكمها هذه الصفة، التي هي صفة الأخوة، فالفقيه أو العالم هو أخو لكل واحد من المسلمين، ومقتضى هذه الأخوة أن يأخذ بأيديهم، أو بأيدي من استطاع الأخذ بأيدي منهم إلى الخير وإلى الصلاح، هذا الأخذ وهذا النصح، لا يعني بحال من الأحوال مصادرة الفكر، كما يتوهم البعض، أو الحكر على الناس، أو التسلط عليهم، أو تدليلهم، لا، كل ذلك ليس بصحيح.
منطلق هذا النصح، وهذا التناصح ينبغي أن يكون الأخوة التي مقتضاها المودة، والمحبة والألفة والتناصح والتعاون على البر والتقوى، والسعي إلى الخير.
وهذا الأمر إنما كان واقعا يعيشه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في تعاملهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتعامل المسلمين مع رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام، مع كونه يوحى إليه وهو أفضل الخلق على الإطلاق كان منطلقه المودة والمحبة والألفة، ولم يكن منطلقه القهر والتسلط، لا أبدا، بل كان الصحابة يحبون الرسول صلى الله عليه وسلم حبا جما، وهذا أمر واضح، قد ذكره الله سبحانه وتعالى في كتابه،قال (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ)(الفتح: 29) فعلاقتهم وشيجتها الرحمة، وعلاقتهم وشيجتها الأخوة والتناصح والتواد والتراحم.
بذلك يكون المجتمع المسلم متماسكا، يكون ساعيا إلى الخير بقوة وبثبات، ولا شك أن فساد ذات البين هي الحالقة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين (وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ)(لأنفال: 46)، أي قوتكم وعزتكم وهيبتكم، إذا دب التدابر والتنازع ذهبت هيبة الأمة، وتفكك المجتمع، وكانت الفرقة، وذلك مما لا تقصده الشريعة أصلا.
فعلاقة الفقيه بغيره، أسوة برسول الله صلى الله عليه وسلم، وانطلاقا قبل ذلك من الأدلة القرآنية مبناها الأخوة والمودة والتراحم وحب الخير، فالفقيه ليس حفيظا على الناس، وليس وكيلا عليهم، لا، يوم القيامة سوف يحاسب كل أحد بنفسه، لن يحاسب أحد عن أحد، فلن يحاسب الفقيه عن غيره، لا يسأل عن نفسه وعن عمله، كل بحسب الأمان وبحسب ما متن الله سبحانه وتعالى عليه، وكذلك أيضا الإنسان المسلم سوف يحاسب عن نفسه، الله تعالى يقول (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا)(النحل: 111) (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا)(فصلت: 46)، وقال سبحانه ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)(الزمر: 7).
دور الفقيه أن يعين، بل واجبه، ومقتضى الأمانة والفضل الذي منّ الله سبحانه وتعالى عليه أن يأخذ بأيد إخوانه، ولئن كان الإنسان الذي لا يعرف حكما شرعيا، أو لا يعرف ما أمر الله تعالى في أمر ما، مأمورا بالتوجه إلى من منّ الله به عليه من المسلمين بمعرفة ذلك، لئن كان الشخص هذا مأمورا بالسؤال.
فالفقيه مأمور بخفض الجناح لهذا السائل، وبسعة الصدر، وبالحرص على إيصال الخير وإيصال الصواب إلى ذلك السائل، لأن مقتضى العلم يقتضي أن العبء الأكبر في التحمل متوجه إلى الفقيه، فينبغي للفقيه أن يكون رحب الصدر، أن يخفض الجناح، أن يصبر على عدم معرفة من لا يعرف.
وذلك أيضا مأخوذ من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهناك أحاديث وردت عن الأعرابي الذي بال في المسجد، فهم الصحابة أن يوقفوه، أشاروا إليه أن مه، أي أمسك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوه لا تزرموه، أي لا تقطعوا عليه بوله، فلما فرغ أخذه فقال له يا ابن أخي إن هذه المساجد جعلت للصلاة ولذكر الله، فلا تصلح لشيء من هذه القاذورات، وأمر بأن يصب ذنوب من ماء، يعني دلو من ماء على الأذى الذي أحدثه.
هذا الخلق ينبغي أن يكون ماثلا بين يدي الفقيه طلبا للأجر والثواب، وتأسيا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
إذا كان الأمر كذلك أي كانت العلاقة بين أفراد المجتمع، فقهائهم وعامتهم، رؤسائهم ومرؤسيهم، علاقة أخوة، وعلاقة تراحم، وعلاقة تكاتف، فيومئذ سيكون المجتمع بخير، وسنرى القيّم الخلقيّة ماثلة، وسوف نجني آثارها بإذن الله سبحانه وتعالى.
وأكتفي بهذا القدر، في هذه الجلسة، على أمل أن أتطرق إلى جوانب أخرى إن شاء الله في جلسة قادمة إن شاء الله من القيّم الخلقية من التشريع الاجتماعي في الإسلام.
والله سبحانه وتعالى ولي التوفيق، وهو سبحانه وتعالى نعم المولى ونعم النصير، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وهكذا تمت المحاضرة الأولى من هذه السلسلة المباركة، سلسلة التشريع الإجتماعي في الإسلام، وسوف أقوم ابتداء من الغد إن شاء الله تعالى بنقل المحاضرة الثانية فيها. والله ولي التوفيق
نظرة في التشريع الإجتماعي في الإسلام (2) للشيخ الدكتور جابر السعدي
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا ونبينا محمد صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فالسلام عليكم أيها الأخوة ورحمة الله وبركاته
وكنت في الجلسة الماضية قد ذكرت خصيصة ومبدأ من المبادئ التي قام عليها التشريع الاجتماعي في الإسلام، تلك الخصيصة، وذلك المبدأ هو مبدأ الأخوة، وقد ذكرت هناك ما يسره الله تعالى، وها أنا اليوم استأنف الحديث عن بقية المبادئ التي قام عليها هذا التشريع.
وسوف أتحدث اليوم عن بعض المبادئ، وأولها مبدأ التكافل والمواساة.
فالتشريع الاجتماعي قام في كثير من أحكامه على هذا المبدأ وهذه الخصيصة، التي هي خصيصة التكافل بين أفراد المجتمع ومواساتهم بعضهم البعض.
فقد جاءت التشريعات بتأكيد هذا المبدأ، فقد وردت نصوص عديدة في الحث على التآخي والتآزر والتناصر والتعاون على البر والتقوى، وأغلب تلك النصوص معروف لديكم، فقد سمعتموه في كثير من دروس الوعظ والإرشاد.
وقد قدمت أن المبادئ الخلقية التي قام عليها التشريع لم يتركها لتصرفات الأشخاص، أي لم تتركها الشريعة لتصرفات الأشخاص وأذواقهم، بل أرستها حكما قضائيا وديانيا، وهذا قد سبق ذكره في الدرس الماضي.
وها أنا اليوم أذكر لكم بعض التشريعات التي أرست هذا المبدأ، الذي هو مبدأ التكافل والمواساة، من تلك التشريعات التي أرست هذا المبدأ في مجتمع المسلمين وفي واقعهم فريضة الزكاة.
فالزكاة ركن من أركان الدين، كما هو معروف لديكم، والناظر في هذه الفريضة، والمتتبع لجزئيات أحكامها يدرك أنه قد ورد فيما ورد من غايات وحكم هذه الفريضة، هو إرساء هذا المبدأ الذي هو مبدأ التكافل.
فالزكاة لها أصناف معينة، من تلك الأصناف ما فرضه الله سبحانه وتعالى في الأنعام على بعض المسلمين بشروط مخصوصة، منها بلوغ النصاب وحولان الحول، إلى غير ذلك مما تكلمنا عنه في درسنا منذ برهة.
ولا شك أن الزكاة لها حكم وغايات
تعود على مخرجها، مخرج الزكاة، وتعود على المعطى، أو الآخذ.
فزكاة الأنعام لا بد أن تخرج من صنف الشيء، من الصنف المزكى، فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال في أربعين شاة شاة، وفي خمس من الإبل شاة، فزكاة الشياة تكون من جنس الشياة، وزكاة الإبل تكون من الأغنام أيضا ثم بعد ذلك تكون من الإبل، حسب ما هو معروف لديكم، حسب الترتيب، من حيث العدد.
والحكمة من هذا، لا شك أن الحكمة من الزكاة مواساة الفقير، والقيام بالتكافل بين أفراد المجتمع، فهي سد لخلة الفقير المحتاج الذي هو أحد أفراد المجتمع.
وإنما كانت الزكاة تخرج من عين الصنف، حتى يشارك المسلم المحتاج الغني المزكي في جنس ماله، في عين ماله، وذلك حتى يغيب الفارق بين المسلمين. إن كان المزكي قد أخرج صنفا معينا من الأصناف النادرة مثلا، فبإخراجه زكاته من نفس ذلك الصنف يشيع ذلك بين المسلمين.
وأيضا المقصود من الزكاة، هو إخراج الفقير من حالة الفقر إلى حالة الغنى، رفعا لحالة العوز والحاجة التي ألمت به، لذلك عندما يعطى من نفس المال، فإنه قد يقدر على تنميته واستثماره، فإذا أخذ من الأنعام، قد يقوم بتربيتها فتنمو، فبعد فترة يكون هو المزكي، بفضل الله تعالى.
لذلك نجد جمهور أهل العلم يذهبون إلى أنه لا يجوز إخراج القيمة، قيمة الشاة، بل لا بد من إخراج الشاة، وذهب بعضهم إلى جواز ذلك، وقد احتجوا بأن العدد خاص، من باب الخاص، والخاص يفيد القطع، ولم يذكر كثير منهم الحكمة والغاية، وحسب ما يتبين أن من الحكم والغايات ما سبق ذكره، إذ أراد الله تعالى أن يقوم الفقير بمشاركة الغني في عين المال بما ذكرت وحتى يزول الفارق وينتقل من حالة الفقر إلى حالة الغنى، وقس على ذلك في الزكاة، بالنسبة إلى الدراهم وغيره.
وهذا يدل على أن الإسلام جاء ليجعل المسلمين متكافلين، كل منهم يكفل أخاه ويسد خلته.
فزكاة الأنعام لا بد أن تخرج من صنف الشيء، من الصنف المزكى، فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال في أربعين شاة شاة، وفي خمس من الإبل شاة، فزكاة الشياة تكون من جنس الشياة، وزكاة الإبل تكون من الأغنام أيضا ثم بعد ذلك تكون من الإبل، حسب ما هو معروف لديكم، حسب الترتيب، من حيث العدد.
والحكمة من هذا، لا شك أن الحكمة من الزكاة مواساة الفقير، والقيام بالتكافل بين أفراد المجتمع، فهي سد لخلة الفقير المحتاج الذي هو أحد أفراد المجتمع.
وإنما كانت الزكاة تخرج من عين الصنف، حتى يشارك المسلم المحتاج الغني المزكي في جنس ماله، في عين ماله، وذلك حتى يغيب الفارق بين المسلمين. إن كان المزكي قد أخرج صنفا معينا من الأصناف النادرة مثلا، فبإخراجه زكاته من نفس ذلك الصنف يشيع ذلك بين المسلمين.
وأيضا المقصود من الزكاة، هو إخراج الفقير من حالة الفقر إلى حالة الغنى، رفعا لحالة العوز والحاجة التي ألمت به، لذلك عندما يعطى من نفس المال، فإنه قد يقدر على تنميته واستثماره، فإذا أخذ من الأنعام، قد يقوم بتربيتها فتنمو، فبعد فترة يكون هو المزكي، بفضل الله تعالى.
لذلك نجد جمهور أهل العلم يذهبون إلى أنه لا يجوز إخراج القيمة، قيمة الشاة، بل لا بد من إخراج الشاة، وذهب بعضهم إلى جواز ذلك، وقد احتجوا بأن العدد خاص، من باب الخاص، والخاص يفيد القطع، ولم يذكر كثير منهم الحكمة والغاية، وحسب ما يتبين أن من الحكم والغايات ما سبق ذكره، إذ أراد الله تعالى أن يقوم الفقير بمشاركة الغني في عين المال بما ذكرت وحتى يزول الفارق وينتقل من حالة الفقر إلى حالة الغنى، وقس على ذلك في الزكاة، بالنسبة إلى الدراهم وغيره.
وهذا يدل على أن الإسلام جاء ليجعل المسلمين متكافلين، كل منهم يكفل أخاه ويسد خلته.
كذلك أيضا من الحقوق التي شرعتها
أحكام الإسلام ونصت عليها، حق الضيف.
فالضيف في الشريعة له حق، وهذا الحق يلزم المسلم دينا بالقيام به، ولا شك أنه قد استقر في عرف الناس ذلك، فالناس بما ينتقدون به بعضهم إن قام بعدم إكرام الضيف، إن ذلك يعد من الخلل عندهم، أو مما يعاب به المرء.
وهذا نتيجة العرف الذي أخذه الناس من الشريعة وتواطئوا عليه جيلا بعد جيل، وهو ما ينبغي أن نؤكد عليه، لا سيما في عصرنا هذا.
فالضيف له الحق (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه)، وقال عليه أفضل الصلاة والسلام (ما زال حبيبي جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه).
وفي الحديث الآخر أن الرسول صلى الله عليه وسلم، فيما يختص بالضيف، قال جاءه ضيف فقال من يكرم هذا الضيف وله الجنة فقال أحد الصحابة أنا يا رسول الله فأخذه وكان معسرا، فقام بطبخ ما لديه، مع شدة حاجته وعياله منه، فلما أكل معه قام بإطفاء السراج قبل الإتيان بالطعام لأنه كان قليلا، وأخذت –عند أكله مع الضيف- تلامس يده يد الضيف ليظن أنه يأكل معه، وفي حقيقة الأمر هو لا يأكل شيئا من قلة الطعام، فلما أصبح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد عجبا الله من صنيعكما بضيفكما الليلة، أخبر الله تعالى بذلك رسوله صلى الله عليه وسلم عن هذا الصنيع الجميل الحسن الذي فيه إيثار على النفس وعلى الأولاد إيثار للضيف المحتاج.
وقد ورد عن نبي الله إبراهيم عليه السلام أنه جاء بعجل حنيذ، أي محنوذ، إلى ضيفه وهم الملائكة، قال)فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً)(هود: 70).
فإكرام الضيف مما أقرته الشريعة وأمرت به تحقيقا لهذا المبدأ، الذي هو مبدأ التكافل بين أفراد المجتمع.
وقد ذكرت عرضا حق الجار في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالجار له حق، وقد ورد في ذلك آثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في دفع الأذى عن الجار، وفي إيصال بعض الخير الذي يصل إلى الإنسان من إخراج الأطعمة إلى الجار.
وقد عهدنا في زمن الصبا ذلك بين أفراد مجتمعنا، فكانت مما نذكر، مما أذكره، كانت الثمار إذا بكرت عند أحدهم، في مزرعة أحدهم، كان يقوم بقطف باكورة الثمار فيوزعها على الجيران، ثم بعد ذلك يقوم ببيع البقية.
هذه الخلال والخصال الحميدة الحسنة، هي من صميم شريعة الإسلام كما سبق ذكره.
فالضيف في الشريعة له حق، وهذا الحق يلزم المسلم دينا بالقيام به، ولا شك أنه قد استقر في عرف الناس ذلك، فالناس بما ينتقدون به بعضهم إن قام بعدم إكرام الضيف، إن ذلك يعد من الخلل عندهم، أو مما يعاب به المرء.
وهذا نتيجة العرف الذي أخذه الناس من الشريعة وتواطئوا عليه جيلا بعد جيل، وهو ما ينبغي أن نؤكد عليه، لا سيما في عصرنا هذا.
فالضيف له الحق (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه)، وقال عليه أفضل الصلاة والسلام (ما زال حبيبي جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه).
وفي الحديث الآخر أن الرسول صلى الله عليه وسلم، فيما يختص بالضيف، قال جاءه ضيف فقال من يكرم هذا الضيف وله الجنة فقال أحد الصحابة أنا يا رسول الله فأخذه وكان معسرا، فقام بطبخ ما لديه، مع شدة حاجته وعياله منه، فلما أكل معه قام بإطفاء السراج قبل الإتيان بالطعام لأنه كان قليلا، وأخذت –عند أكله مع الضيف- تلامس يده يد الضيف ليظن أنه يأكل معه، وفي حقيقة الأمر هو لا يأكل شيئا من قلة الطعام، فلما أصبح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد عجبا الله من صنيعكما بضيفكما الليلة، أخبر الله تعالى بذلك رسوله صلى الله عليه وسلم عن هذا الصنيع الجميل الحسن الذي فيه إيثار على النفس وعلى الأولاد إيثار للضيف المحتاج.
وقد ورد عن نبي الله إبراهيم عليه السلام أنه جاء بعجل حنيذ، أي محنوذ، إلى ضيفه وهم الملائكة، قال)فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً)(هود: 70).
فإكرام الضيف مما أقرته الشريعة وأمرت به تحقيقا لهذا المبدأ، الذي هو مبدأ التكافل بين أفراد المجتمع.
وقد ذكرت عرضا حق الجار في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالجار له حق، وقد ورد في ذلك آثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في دفع الأذى عن الجار، وفي إيصال بعض الخير الذي يصل إلى الإنسان من إخراج الأطعمة إلى الجار.
وقد عهدنا في زمن الصبا ذلك بين أفراد مجتمعنا، فكانت مما نذكر، مما أذكره، كانت الثمار إذا بكرت عند أحدهم، في مزرعة أحدهم، كان يقوم بقطف باكورة الثمار فيوزعها على الجيران، ثم بعد ذلك يقوم ببيع البقية.
هذه الخلال والخصال الحميدة الحسنة، هي من صميم شريعة الإسلام كما سبق ذكره.
أيضا مما يؤكد على مبدأ التكافل
والمواساة، نظام العاقلة، أو ما يعرف بالعاقلة.
وعاقلة الرجل قومه وأقاربه من حيث النسب، وقد ورد اللجوء إلى العاقلة في القتل الخطأ، إذا قتل الإنسان خطئا، وقع منه فعل فقتل إنسانا خطئا فإنه عليه التوبة وعليه الدية.
الدية لا يقوم بدفعها الشخص منفردا، بتحملها وحده، بل تتحملها العاقلة معه وهم قومه، جماعته، فيقومون بتوزيع هذه الدية، هذا المبلغ، على الجميع، ثم يقومون بدفعها إلى الشخص المستحق.
وقد كانت المجتمعات الإسلامية محافظة على هذه الخصيصة، أو على هذا السلوك الحسن إلى وقتنا هذا، أو قريب من وقتنا هذا، ثم تلاشت مع الأسف الشديد، وقد حلت بدلها عند بعض المعتنين بجانب التعاون، بعض الصناديق الخيرية، التي يشترك فيها الناس جميعا، من أهل منطقة معينه فيقومون بدفع مبلغ معين يدفع إلى الشخص المحتاج، وقد حلت بدلها شركات التأمين رسميا.
وهذا النظام، الذي هو نظام العاقلة، موجود إلى عصر قريب، وقد كان في مجتمعنا يسمى بالأمانة، فالأمانة هي عبارة عن نصيب مقدر من المال، في الزمن السابق بالعملة السابقة، عملة القروش، فتقوم الجماعة بتجميعها عند شخص معين، فإن نابت نائبة من هذا القبيل يقومون بدفع ما يلزم من مبلغ، من تلك الأمانة، أو من ذلك المبلغ. وهذا عمل بنظام العاقلة، وقد كان معروفا في صدر الإسلام.
وهناك قضايا عديدة، وقد لجأ إليها سيدنا عمر رضوان الله تعالى عليه، وقد كان خليفة للمسلمين، عندما روع المرأة التي أرسل إليها من العراق، ارتاعت، الحقيقة أرسل إليها بغير قصد ترويعها، لكنها ارتاعت لما وصلها كتاب سيدنا عمر فأسقطت حملها، فألزمه بعض الصحابة الدية، فقامت عاقلة سيدنا عمر بدفع الدية معه، وهذا من مبدأ التكافل.
وهو أمر قضائي، حكم قضائي، ليس متروكا لدين الشخص، مع أن الدين كفيل، دين الإنسان الأصل كفيل بامتثاله، لكن قد يضعف الوازع الديني عند البعض، فكان ذلك مؤكدا عليه بالحكم القضائي أيضا.
وعاقلة الرجل قومه وأقاربه من حيث النسب، وقد ورد اللجوء إلى العاقلة في القتل الخطأ، إذا قتل الإنسان خطئا، وقع منه فعل فقتل إنسانا خطئا فإنه عليه التوبة وعليه الدية.
الدية لا يقوم بدفعها الشخص منفردا، بتحملها وحده، بل تتحملها العاقلة معه وهم قومه، جماعته، فيقومون بتوزيع هذه الدية، هذا المبلغ، على الجميع، ثم يقومون بدفعها إلى الشخص المستحق.
وقد كانت المجتمعات الإسلامية محافظة على هذه الخصيصة، أو على هذا السلوك الحسن إلى وقتنا هذا، أو قريب من وقتنا هذا، ثم تلاشت مع الأسف الشديد، وقد حلت بدلها عند بعض المعتنين بجانب التعاون، بعض الصناديق الخيرية، التي يشترك فيها الناس جميعا، من أهل منطقة معينه فيقومون بدفع مبلغ معين يدفع إلى الشخص المحتاج، وقد حلت بدلها شركات التأمين رسميا.
وهذا النظام، الذي هو نظام العاقلة، موجود إلى عصر قريب، وقد كان في مجتمعنا يسمى بالأمانة، فالأمانة هي عبارة عن نصيب مقدر من المال، في الزمن السابق بالعملة السابقة، عملة القروش، فتقوم الجماعة بتجميعها عند شخص معين، فإن نابت نائبة من هذا القبيل يقومون بدفع ما يلزم من مبلغ، من تلك الأمانة، أو من ذلك المبلغ. وهذا عمل بنظام العاقلة، وقد كان معروفا في صدر الإسلام.
وهناك قضايا عديدة، وقد لجأ إليها سيدنا عمر رضوان الله تعالى عليه، وقد كان خليفة للمسلمين، عندما روع المرأة التي أرسل إليها من العراق، ارتاعت، الحقيقة أرسل إليها بغير قصد ترويعها، لكنها ارتاعت لما وصلها كتاب سيدنا عمر فأسقطت حملها، فألزمه بعض الصحابة الدية، فقامت عاقلة سيدنا عمر بدفع الدية معه، وهذا من مبدأ التكافل.
وهو أمر قضائي، حكم قضائي، ليس متروكا لدين الشخص، مع أن الدين كفيل، دين الإنسان الأصل كفيل بامتثاله، لكن قد يضعف الوازع الديني عند البعض، فكان ذلك مؤكدا عليه بالحكم القضائي أيضا.
كذلك أيضا من صور التكافل الوقف، نظام الوقف.
فقد كان المسلمون يوقفون جزئا من أموالهم في سبيل الخير، في شيء من سبل الخير، يقوم الواحد منهم بوقف مال، مزرعة أو بيت في سبيل من سبل الخير، كأن يوقفه في عمارة مسجد من مساجد الله، أو يوقفه على طلبة العلم، أو يوقفه في تعليم القرآن، أو يوقفه لفطرة الصائمين، أو يوقفه في إصلاح فلج من الأفلاج، أو يوقفه للنفقة على مجلس عام للجماعة، لجماعة معينة.
هذا أمر أيضا توالى عليه المسلمون جيلا بعد جيل، والأوقاف بين المسلمين، ولله الحمد، موجودة إلى اليوم، وهي موجودة في شتى بقاع العالم الإسلامي، وقد كان ذلك منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعده، فيقوم الفرد من أفراد المسلمين بإيقاف ذلك الجزء من ماله على مصرف من مصارف الخير، فيبقى ذلك صدقة جارية له بعد موته.
ومما أطلعت عليه ورأيته، ما أوقفه العلامة ابن بركة، وهو من علماء النصف الأول من القرن الرابع الهجري، أي منذ ما يقرب من ألف ومزيد، ألف ونيّف، ألف وخمس وعشرين سنة تقريبا، أو ألف وخمس وسبعين سنة. قد أوقف أرضا لطلبة العلم، حيث كان قد أقام مدرسة، فأوقف أرضا تسمى المدانة، أو بلغتهم المندانة، وهي باقية إلى اليوم، وهي عبارة عن أرض تزرع، وهي باقية وقفا خيريا إلى يومنا هذا منذ ذلك الزمن، إلا إنها انتقلت إلى الأوقاف، أي يعني لم تخصص الآن لطلبة العلم أو لتلك المدرسة كما ورد في الأثر، لكنها باقية وقفا خيريا إلى اليوم.
وهذا الوقف الخيري أيضا من أسباب التكافل، مما يعين على التكافل وإعانة المحتاج بين المسلمين.
فقد كان المسلمون يوقفون جزئا من أموالهم في سبيل الخير، في شيء من سبل الخير، يقوم الواحد منهم بوقف مال، مزرعة أو بيت في سبيل من سبل الخير، كأن يوقفه في عمارة مسجد من مساجد الله، أو يوقفه على طلبة العلم، أو يوقفه في تعليم القرآن، أو يوقفه لفطرة الصائمين، أو يوقفه في إصلاح فلج من الأفلاج، أو يوقفه للنفقة على مجلس عام للجماعة، لجماعة معينة.
هذا أمر أيضا توالى عليه المسلمون جيلا بعد جيل، والأوقاف بين المسلمين، ولله الحمد، موجودة إلى اليوم، وهي موجودة في شتى بقاع العالم الإسلامي، وقد كان ذلك منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعده، فيقوم الفرد من أفراد المسلمين بإيقاف ذلك الجزء من ماله على مصرف من مصارف الخير، فيبقى ذلك صدقة جارية له بعد موته.
ومما أطلعت عليه ورأيته، ما أوقفه العلامة ابن بركة، وهو من علماء النصف الأول من القرن الرابع الهجري، أي منذ ما يقرب من ألف ومزيد، ألف ونيّف، ألف وخمس وعشرين سنة تقريبا، أو ألف وخمس وسبعين سنة. قد أوقف أرضا لطلبة العلم، حيث كان قد أقام مدرسة، فأوقف أرضا تسمى المدانة، أو بلغتهم المندانة، وهي باقية إلى اليوم، وهي عبارة عن أرض تزرع، وهي باقية وقفا خيريا إلى يومنا هذا منذ ذلك الزمن، إلا إنها انتقلت إلى الأوقاف، أي يعني لم تخصص الآن لطلبة العلم أو لتلك المدرسة كما ورد في الأثر، لكنها باقية وقفا خيريا إلى اليوم.
وهذا الوقف الخيري أيضا من أسباب التكافل، مما يعين على التكافل وإعانة المحتاج بين المسلمين.
كذلك أيضا من مظاهر أمر الشريعة
بالتكافل والمواساة بين أفراد المجتمع ما أمرت به إذا مات أحد منهم.
فقد أمرت الشريعة المسلمين إذا مات أحد منهم، أمرت بالصلاة عليه والاهتمام بأمره، ولا شك أن هذه من فرائض الكفايات، صلاة الجنازة، لكن لها غايات وحكم، من ضمنها بث هذه الروح، روح التكافل والمواساة بين أفراد المجتمع.
فتجد المسلمين إلى يومنا هذا ولله الحمد، إذا مات أحد منهم يتوافدون ويتقاطرون إلى محل ذلك الميت فيقومون بالاعتناء بأمره وتجهيزه والصلاة عليه، وكذلك أيضا يقومون بتعزية ذويه بعد ذلك ويقومون بواجب عزائهم.
وهذا من باب المواساة لما حل بهم، والتضامن معهم، ومن باب السعي إلى تخفيف مصابهم، إذ أن صاحب المصيبة إذا وقعت عليه فإنه يحزن ويتأثر، فلما يجد إخوانه يحيطون به، ويقومون بواجب التعزية قربه، ويتوافدون عليه، فذلك يشغله عن الخلو بنفسه، والتفكير بهمومه، والركون إلى أحزانه، فإذا جلس وحوله جمع من الناس فإنه يشتغل، وذلك مما يسل قلبه، ويطمئن نفسه عمّا حل به من مصاب، وهذا لا شك يخفف الأثر النفسي وما يترتب عليه من أمراض التي قد تصيب الشخص إذا لم يكن الأمر كذلك.
ولذلك نجد الفقهاء اليوم ينهون عن المبالغة في الأطعمة عما يقوم به الناس من ممارسات، لأن ذلك الذي يقومون به يتنافى مع الغاية والمقصود من العزاء، لأنه مما يزيد صاحب العزاء مصيبة إلى مصيبته، فإنه قد فقد عزيزا لديه، ثم بعد ذلك يتكفل ويتكبد الأعباء المالية في سبيل القيام بأمور في حقيقة الأمر لم تشرع، لاسيما في ذلك الموقف، فكثرة الأطعمة، وكثرة الإنفاق، فتجد أن الفقهاء يقفون منها هذا الموقف لأن الغاية والمقصود من التعزية المواساة والتسلية لهذا الشخص.
ليس المقصود زيادة الغرم وتحمل الأعباء، وزيادة المصيبة، فيخرج المعزي من عزائه وقد وتر بقريبه وقد وتر بشيء من ماله، هذا مما يزيده وبالا، ويزيده عبئا على العبء الذي حل به، ولذلك وردت السنة في مثل هذا بقوله صلى الله عليه وسلم (اصنعوا لآل جعفر طعاما فإنهم محزونون)، يعني محزونون وقع بهم حزن، ولذلك كان المناسب أن يعينهم من يعينهم من أقربائهم وجيرانهم وذويهم ومن بقية المسلمين بإعداد الطعام لهم لأنهم مشغولون عن ذلك بما حل بهم من مصيبة.
فقد أمرت الشريعة المسلمين إذا مات أحد منهم، أمرت بالصلاة عليه والاهتمام بأمره، ولا شك أن هذه من فرائض الكفايات، صلاة الجنازة، لكن لها غايات وحكم، من ضمنها بث هذه الروح، روح التكافل والمواساة بين أفراد المجتمع.
فتجد المسلمين إلى يومنا هذا ولله الحمد، إذا مات أحد منهم يتوافدون ويتقاطرون إلى محل ذلك الميت فيقومون بالاعتناء بأمره وتجهيزه والصلاة عليه، وكذلك أيضا يقومون بتعزية ذويه بعد ذلك ويقومون بواجب عزائهم.
وهذا من باب المواساة لما حل بهم، والتضامن معهم، ومن باب السعي إلى تخفيف مصابهم، إذ أن صاحب المصيبة إذا وقعت عليه فإنه يحزن ويتأثر، فلما يجد إخوانه يحيطون به، ويقومون بواجب التعزية قربه، ويتوافدون عليه، فذلك يشغله عن الخلو بنفسه، والتفكير بهمومه، والركون إلى أحزانه، فإذا جلس وحوله جمع من الناس فإنه يشتغل، وذلك مما يسل قلبه، ويطمئن نفسه عمّا حل به من مصاب، وهذا لا شك يخفف الأثر النفسي وما يترتب عليه من أمراض التي قد تصيب الشخص إذا لم يكن الأمر كذلك.
ولذلك نجد الفقهاء اليوم ينهون عن المبالغة في الأطعمة عما يقوم به الناس من ممارسات، لأن ذلك الذي يقومون به يتنافى مع الغاية والمقصود من العزاء، لأنه مما يزيد صاحب العزاء مصيبة إلى مصيبته، فإنه قد فقد عزيزا لديه، ثم بعد ذلك يتكفل ويتكبد الأعباء المالية في سبيل القيام بأمور في حقيقة الأمر لم تشرع، لاسيما في ذلك الموقف، فكثرة الأطعمة، وكثرة الإنفاق، فتجد أن الفقهاء يقفون منها هذا الموقف لأن الغاية والمقصود من التعزية المواساة والتسلية لهذا الشخص.
ليس المقصود زيادة الغرم وتحمل الأعباء، وزيادة المصيبة، فيخرج المعزي من عزائه وقد وتر بقريبه وقد وتر بشيء من ماله، هذا مما يزيده وبالا، ويزيده عبئا على العبء الذي حل به، ولذلك وردت السنة في مثل هذا بقوله صلى الله عليه وسلم (اصنعوا لآل جعفر طعاما فإنهم محزونون)، يعني محزونون وقع بهم حزن، ولذلك كان المناسب أن يعينهم من يعينهم من أقربائهم وجيرانهم وذويهم ومن بقية المسلمين بإعداد الطعام لهم لأنهم مشغولون عن ذلك بما حل بهم من مصيبة.
هذا المبدأ الذي هو مبدأ التكافل لا
يزال باقيا بين المسلمين ولله الحمد في كثير من صوره، في كثير من الصور والأحوال إلا أننا
نحتاج إلى التنبيه على مزيد الأخذ به لأن بعض الصور وبعض التشريعات التي ذكرتها قلت
بين المسلمين.
فتجد المزكين قلة من الناس للأسف الشديد مع أن الله تعالى سبحانه وتعالى بيّن أن الزكاة ركن من أركان الدين، فقد قال عليه أفضل الصلاة والسلام (لا صلاة لمانع الزكاة، لا صلاة لمانع الزكاة، لا صلاة لمانع الزكاة، والمتعدي فيها كمانعها)، ولقد قال سبحانه وتعالى) وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ )(فصلت: 6-7).
فالزكاة تقوم بتخفيف هذا العبء ولو قام أحدكم بحساب بسيط لما يملكه بعض المسلمين من الأموال الظاهرة، وما يجب فيه من زكاة لتوصل إلى أن إخراج أولئك النفر لهذه الزكاة، لا شك أنه يسد أكبر قدر من حاجة المسلمين، إن لم يكن يسد خلل المسلمين كله في هذا الباب.
وكذلك أيضا مما ينبغي أن ينبه عليه أيضا مسألة العاقلة، تكافل الناس في هذا الباب قليل، تفاعل الناس مع هذه الأمور أصبح فيه شيء من السلبية، فإنهم يركنون إلى الاعتماد على المساعدات العامة، المساعدات الحكومية، فتجد عاطفتهم ومبادرتهم تجاه هذه الأمور قليلة، لا ينشطون لذلك.
فمثلا مدارس القرآن الكريم، كان المسلمون في هذه المناطق وغيرها على شدة أحوالهم، مع ما هم فيه من أحوال معيشية لكنهم يجتمعون ويتكاتفون للقيام بإنشاء مثل هذه المرافق، مرافق تعليم القرآن الكريم، كذلك القيام ببناء المساجد، لا تجد قرية من القرى في زمان السابق إلا وفيها مسجد ، وذلك المسجد قام ببناءه أهل تلك المنطقة، على شدة حالتهم، وقلة ذات يدهم، فكانوا لا يعتمدون ولا يتكلون على غيرهم. كذلك بالنسبة إلى المجالس العامة وهكذا.
المسلمون اليوم تجد هذه الروح خابية عند كثير منهم، لا تجد ذلك النشاط الذي تلاحظ آثاره عند من تقدم من المسلمين مع انتشار الوعي من حيث القراءة والكتابة.
ومع التأكيد على ضرورة مثل هذه الأعمال، فنحن ننبه على ذلك ونحث المسلمين قاطبة والشباب خاصة إلى التنبه والسعي والقيام بمثل هذه الأمور الخيرية.
كإنشاء هذه المرافق والتعاون عليها، إعانة المحتاجين والقيام بشؤونهم، والحمد لله ذلك متيسر لكثير من الناس، لأن الله تعالى قد وسع على المسلمين، على كثير منهم، فكان ينبغي لهم من باب شكر النعمة المبادرة إلى مثل ذلك.
ولا شك أن المبادرة إلى مثل هذه الأعمال خير للشخص المبادر في الحقيقة )مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ)(فصلت: 46) ثم بعد ذلك يعود ذلك الخير إلى بقية أفراد المجتمع، فالإنسان الذي يقوم بوقف شيء من أمواله هو قد قام بخير لنفسه، ذلك الوقف هو صدقة جارية له، يعني يصيبها ثوابها بعد وفاته، ثواب مستمر له، خير عظيم.
كذلك أيضا إذا تكاتف المسلمون ببناء مدرسة للقرآن الكريم أو كفالة مدرس، فإن ذلك يعود عليهم من حيث الأجر والثواب، فما أنفقوه لا يضيع، هو عند الله يربو وينمو ويزيد، وكذلك أيضا مدرس القرآن الكريم يقوم بتعليم أولادهم، وتعريفهم بكتاب ربهم، وذلك أمر لا بد للمسلم منه.
هذه الأعمال خيرها يعود على الناس كلهم، لا يعود على فئة من الناس أو على شخص من الناس، لا، فكان ينبغي للمسلمين، للمجتمع أن يتكاتفوا على مثل هذه الأعمال أن يسعوا إليها، أن يكونوا إيجابيين اتجاه الدعوات التي تأتيهم للمبادرة إلى مثل هذه الأعمال لضرورتها.
فتجد المزكين قلة من الناس للأسف الشديد مع أن الله تعالى سبحانه وتعالى بيّن أن الزكاة ركن من أركان الدين، فقد قال عليه أفضل الصلاة والسلام (لا صلاة لمانع الزكاة، لا صلاة لمانع الزكاة، لا صلاة لمانع الزكاة، والمتعدي فيها كمانعها)، ولقد قال سبحانه وتعالى) وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ )(فصلت: 6-7).
فالزكاة تقوم بتخفيف هذا العبء ولو قام أحدكم بحساب بسيط لما يملكه بعض المسلمين من الأموال الظاهرة، وما يجب فيه من زكاة لتوصل إلى أن إخراج أولئك النفر لهذه الزكاة، لا شك أنه يسد أكبر قدر من حاجة المسلمين، إن لم يكن يسد خلل المسلمين كله في هذا الباب.
وكذلك أيضا مما ينبغي أن ينبه عليه أيضا مسألة العاقلة، تكافل الناس في هذا الباب قليل، تفاعل الناس مع هذه الأمور أصبح فيه شيء من السلبية، فإنهم يركنون إلى الاعتماد على المساعدات العامة، المساعدات الحكومية، فتجد عاطفتهم ومبادرتهم تجاه هذه الأمور قليلة، لا ينشطون لذلك.
فمثلا مدارس القرآن الكريم، كان المسلمون في هذه المناطق وغيرها على شدة أحوالهم، مع ما هم فيه من أحوال معيشية لكنهم يجتمعون ويتكاتفون للقيام بإنشاء مثل هذه المرافق، مرافق تعليم القرآن الكريم، كذلك القيام ببناء المساجد، لا تجد قرية من القرى في زمان السابق إلا وفيها مسجد ، وذلك المسجد قام ببناءه أهل تلك المنطقة، على شدة حالتهم، وقلة ذات يدهم، فكانوا لا يعتمدون ولا يتكلون على غيرهم. كذلك بالنسبة إلى المجالس العامة وهكذا.
المسلمون اليوم تجد هذه الروح خابية عند كثير منهم، لا تجد ذلك النشاط الذي تلاحظ آثاره عند من تقدم من المسلمين مع انتشار الوعي من حيث القراءة والكتابة.
ومع التأكيد على ضرورة مثل هذه الأعمال، فنحن ننبه على ذلك ونحث المسلمين قاطبة والشباب خاصة إلى التنبه والسعي والقيام بمثل هذه الأمور الخيرية.
كإنشاء هذه المرافق والتعاون عليها، إعانة المحتاجين والقيام بشؤونهم، والحمد لله ذلك متيسر لكثير من الناس، لأن الله تعالى قد وسع على المسلمين، على كثير منهم، فكان ينبغي لهم من باب شكر النعمة المبادرة إلى مثل ذلك.
ولا شك أن المبادرة إلى مثل هذه الأعمال خير للشخص المبادر في الحقيقة )مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ)(فصلت: 46) ثم بعد ذلك يعود ذلك الخير إلى بقية أفراد المجتمع، فالإنسان الذي يقوم بوقف شيء من أمواله هو قد قام بخير لنفسه، ذلك الوقف هو صدقة جارية له، يعني يصيبها ثوابها بعد وفاته، ثواب مستمر له، خير عظيم.
كذلك أيضا إذا تكاتف المسلمون ببناء مدرسة للقرآن الكريم أو كفالة مدرس، فإن ذلك يعود عليهم من حيث الأجر والثواب، فما أنفقوه لا يضيع، هو عند الله يربو وينمو ويزيد، وكذلك أيضا مدرس القرآن الكريم يقوم بتعليم أولادهم، وتعريفهم بكتاب ربهم، وذلك أمر لا بد للمسلم منه.
هذه الأعمال خيرها يعود على الناس كلهم، لا يعود على فئة من الناس أو على شخص من الناس، لا، فكان ينبغي للمسلمين، للمجتمع أن يتكاتفوا على مثل هذه الأعمال أن يسعوا إليها، أن يكونوا إيجابيين اتجاه الدعوات التي تأتيهم للمبادرة إلى مثل هذه الأعمال لضرورتها.
المبدأ الآخر، أو قيمة خلقية أخرى قام
عليها التشريع الاجتماعي الإسلامي في الإسلام هو مبدأ المساواة.
مبدأ المساواة مبدأ شرعي أصيل، وقيمة أرستها الشريعة في كثير من أحكامها، الله سبحانه وتعالى يقول (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (الحجرات:13) الناس متساوون في نظر الإسلام، وأفضليتهم عند ربهم إنما هي بالتقوى (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ).
هذه الآية بينت تساوي الناس من حيث الأصل (إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى) فالناس قد خلقوا من آدم وحواء، أصلهم خلقوا من ذكر وأنثى، (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ) أي أن الله تعالى بث الناس نمو وتفرقوا في الأصقاع، فمنهم من شكل شعوبا من شعوب الأرض، ومنهم من لجأ إلى نظام القبائل، وهم العرب.
(وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ) قال (لِتَعَارَفُوا)، ولم يقل لتقاتلوا، ولم يقل لتنافروا، ولم يقل لتحاربوا، ولم يقل لتدافعوا، قال (لِتَعَارَفُوا). ثم قال (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)
هذه الآية بينت حال الناس وواقعهم. وأيضا الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام يقول (كلكم لآدم وآدم من تراب).
مبدأ المساواة مبدأ شرعي أصيل، وقيمة أرستها الشريعة في كثير من أحكامها، الله سبحانه وتعالى يقول (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (الحجرات:13) الناس متساوون في نظر الإسلام، وأفضليتهم عند ربهم إنما هي بالتقوى (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ).
هذه الآية بينت تساوي الناس من حيث الأصل (إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى) فالناس قد خلقوا من آدم وحواء، أصلهم خلقوا من ذكر وأنثى، (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ) أي أن الله تعالى بث الناس نمو وتفرقوا في الأصقاع، فمنهم من شكل شعوبا من شعوب الأرض، ومنهم من لجأ إلى نظام القبائل، وهم العرب.
(وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ) قال (لِتَعَارَفُوا)، ولم يقل لتقاتلوا، ولم يقل لتنافروا، ولم يقل لتحاربوا، ولم يقل لتدافعوا، قال (لِتَعَارَفُوا). ثم قال (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)
هذه الآية بينت حال الناس وواقعهم. وأيضا الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام يقول (كلكم لآدم وآدم من تراب).
ومساواة الناس في المجتمع وتساويهم
يتجلى في عدة أمور.
أولا من حيث التلكيف، فالناس من حيث التكاليف الشرعية سواء، أركان الإسلام كلف بها الناس جميعا، هم جميعا مخاطبون بالصلاة، هم جميعا مخاطبون بالزكاة من كان منهم قد استوفى الشروط، كذلك الصوم، كذلك الحج، وهكذا.
بل الخطاب الشرعي نفسه يأتي (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) الخطاب للجميع، لجماعة المؤمنين، وأحيانا يأتي للناس (يَا أَيُّهَا النَّاسُ)، كما سبق ذكره في الآية المتقدمة، فالناس من حيث خطاب الشرع لهم، من حيث التكاليف الشرعية متساوون جميعا، من كان بالغا عاقلا مستطيعا يجب عليه أن يصلى، يستطيع أن يصلى الصلاة الكاملة، أما من كان عاجزا فإن الله يسقط عنه حسب عجزه، لا يستطيع الوقوف فإنه يصلي جالسا، لا يستطيع الجلوس يصلي مضطجعا، وهكذا، لكنه من حيث التشريع الناس كلهم مخاطبون بالصلاة مثلا.
وكذلك الزكاة لمن كان لديه الأموال وحال عليه الحول، كذلك الحج من كان مستطيعا، كذلك الصوم من كان بالغا عاقلا مقيما غير مريض فإنه يجب عليه أن يصوم، وهكذا.
فالناس في هذا الباب متساوون، وإنما يختلفون بحسب أعذارهم وأحوالهم، ولذلك يوم القيامة يسألون جميعا، يقفون بين يديّ الله تعالى وكل منهم يسأل عن عمله بحسب ما آتاه الله تعالى، يسأل العالم عن علمه، يسأل الغني عن ماله من أين أكتسبه وفيما أنفقه، يسأل الشاب عن شبابه فيما أبلاه وعن عمره، هكذا، فالسؤال متوجه إلى كل واحد، ولا يحمل أحد شيئا عن أحد، ولا يحاسب أحد عن أحد، ولا يكون لأحد ميزة عن أحد إلا بالتقوى، فأفضلية الناس بتقواهم.
أولا من حيث التلكيف، فالناس من حيث التكاليف الشرعية سواء، أركان الإسلام كلف بها الناس جميعا، هم جميعا مخاطبون بالصلاة، هم جميعا مخاطبون بالزكاة من كان منهم قد استوفى الشروط، كذلك الصوم، كذلك الحج، وهكذا.
بل الخطاب الشرعي نفسه يأتي (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) الخطاب للجميع، لجماعة المؤمنين، وأحيانا يأتي للناس (يَا أَيُّهَا النَّاسُ)، كما سبق ذكره في الآية المتقدمة، فالناس من حيث خطاب الشرع لهم، من حيث التكاليف الشرعية متساوون جميعا، من كان بالغا عاقلا مستطيعا يجب عليه أن يصلى، يستطيع أن يصلى الصلاة الكاملة، أما من كان عاجزا فإن الله يسقط عنه حسب عجزه، لا يستطيع الوقوف فإنه يصلي جالسا، لا يستطيع الجلوس يصلي مضطجعا، وهكذا، لكنه من حيث التشريع الناس كلهم مخاطبون بالصلاة مثلا.
وكذلك الزكاة لمن كان لديه الأموال وحال عليه الحول، كذلك الحج من كان مستطيعا، كذلك الصوم من كان بالغا عاقلا مقيما غير مريض فإنه يجب عليه أن يصوم، وهكذا.
فالناس في هذا الباب متساوون، وإنما يختلفون بحسب أعذارهم وأحوالهم، ولذلك يوم القيامة يسألون جميعا، يقفون بين يديّ الله تعالى وكل منهم يسأل عن عمله بحسب ما آتاه الله تعالى، يسأل العالم عن علمه، يسأل الغني عن ماله من أين أكتسبه وفيما أنفقه، يسأل الشاب عن شبابه فيما أبلاه وعن عمره، هكذا، فالسؤال متوجه إلى كل واحد، ولا يحمل أحد شيئا عن أحد، ولا يحاسب أحد عن أحد، ولا يكون لأحد ميزة عن أحد إلا بالتقوى، فأفضلية الناس بتقواهم.
هناك مسألة أحببت أن أنبه عليها ظهرت
في هذه الأعصر الأخيرة، وهي مسألة ما ينادي به البعض من المساواة بين الرجل والمرأة.
وهذه دعوة نشأت في غير المجتمعات الإسلامية لكنها الآن يقوم بها من يقوم بها من أفراد المسلمين، ويحتج ببعض الأمور التي ظاهرها التفرقة بين الذكر والأنثى أو بين الرجل والمرأة، فقد فرق الشرع بين الرجل والمرأة الدية، ومن حيث الميراث.
وكان الجدير بالمسلم أن يقف عند كتاب ربه وعند سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، لأن المسلم لا شك أنه يحتكم إلى القرآن الكريم، ويحتكم إلى الصحيح من سنة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، الله سبحانه وتعالى يقول (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ)(الأحزاب: 36)، فكان الواجب على المسلمين، شبابهم وغيرهم من طبقاتهم أن يقفوا عند ذلك.
غير أنه لا مانع من بيان بطلان هذه الدعوة، وهي دعوى عدم مساواة التشريع الإسلامي بين أفراد مجتمعه، في هذه المسألة، الذكر والأنثى.
الذين رفعوا هذه الدعوة لم ينصفوا التشريع، لأن المنطق والعقل المجرد يقتضي أن الإنسان إذا أراد أن ينتقد تشريع ما أن ينظر إليه من جميع جوانبه، ليس من العدل أن يلجأ الإنسان إلى جزئية فينتزعها من ذلك التشريع، ويدلل بها على مراده، لا، ليس ذلك في العدالة في شيء، لأن التشريع هو منظومة كاملة، كل لا يتجزأ، فإذا كان ذلك عاما، فهو في شريعة الإسلام التي هي ربانية المصدر، التي هي عادلة لا محالة، هو من باب أولى.
فنحن لو نظرنا إلى هذه المسألة، مسألة ما يحتج به البعض من أن الشريعة أعطت الرجل للذكر مثل حظ الأنثيين، ضعف ما للأنثى، أعطت الأنثى نصف ما للرجل من الميراث، ودية الأنثى نصف دية الرجل.
نرجع إلى الأعباء المالية، وقبل ذلك أحب أن أبين أن المعيار الذي يتفاضل الناس به في الإسلام ليس هو المادة، فتكريم الإنسان في الشريعة ليس بقدر ما يملك من مال، كما هو الحال عند البعض.
هذا المنطلق انطلق به من انتقد الشريعة، هذه الشريعة لما ما ساوت بين الرجل والمرأة معناها هضمت حق المرأة، في الحقيقة المال ليس هو مظهر التكريم في الشريعة، فقد قدمت لكم أن الله تعالى يقول (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ).
فالمرء عندنا، في شريعتنا لا يقاس كبرا وصغرا وعظم قدر وصغره بقدر ما يملك، هو بقدر ما له من رصيد من تقوى ومن دين، من أمانة، من خلق، يعظم في أعين المسلمين كما يعظم في ميزان الله تعالى وفق هذا الميزان، ميزان التقوى، أما المال فهو عرض زائل، هو من الضروريات الخمس، لكنه ليس هو المعيار، الذي يحتكم إليه في أفضلية المرء، لا.
وهذه دعوة نشأت في غير المجتمعات الإسلامية لكنها الآن يقوم بها من يقوم بها من أفراد المسلمين، ويحتج ببعض الأمور التي ظاهرها التفرقة بين الذكر والأنثى أو بين الرجل والمرأة، فقد فرق الشرع بين الرجل والمرأة الدية، ومن حيث الميراث.
وكان الجدير بالمسلم أن يقف عند كتاب ربه وعند سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، لأن المسلم لا شك أنه يحتكم إلى القرآن الكريم، ويحتكم إلى الصحيح من سنة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، الله سبحانه وتعالى يقول (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ)(الأحزاب: 36)، فكان الواجب على المسلمين، شبابهم وغيرهم من طبقاتهم أن يقفوا عند ذلك.
غير أنه لا مانع من بيان بطلان هذه الدعوة، وهي دعوى عدم مساواة التشريع الإسلامي بين أفراد مجتمعه، في هذه المسألة، الذكر والأنثى.
الذين رفعوا هذه الدعوة لم ينصفوا التشريع، لأن المنطق والعقل المجرد يقتضي أن الإنسان إذا أراد أن ينتقد تشريع ما أن ينظر إليه من جميع جوانبه، ليس من العدل أن يلجأ الإنسان إلى جزئية فينتزعها من ذلك التشريع، ويدلل بها على مراده، لا، ليس ذلك في العدالة في شيء، لأن التشريع هو منظومة كاملة، كل لا يتجزأ، فإذا كان ذلك عاما، فهو في شريعة الإسلام التي هي ربانية المصدر، التي هي عادلة لا محالة، هو من باب أولى.
فنحن لو نظرنا إلى هذه المسألة، مسألة ما يحتج به البعض من أن الشريعة أعطت الرجل للذكر مثل حظ الأنثيين، ضعف ما للأنثى، أعطت الأنثى نصف ما للرجل من الميراث، ودية الأنثى نصف دية الرجل.
نرجع إلى الأعباء المالية، وقبل ذلك أحب أن أبين أن المعيار الذي يتفاضل الناس به في الإسلام ليس هو المادة، فتكريم الإنسان في الشريعة ليس بقدر ما يملك من مال، كما هو الحال عند البعض.
هذا المنطلق انطلق به من انتقد الشريعة، هذه الشريعة لما ما ساوت بين الرجل والمرأة معناها هضمت حق المرأة، في الحقيقة المال ليس هو مظهر التكريم في الشريعة، فقد قدمت لكم أن الله تعالى يقول (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ).
فالمرء عندنا، في شريعتنا لا يقاس كبرا وصغرا وعظم قدر وصغره بقدر ما يملك، هو بقدر ما له من رصيد من تقوى ومن دين، من أمانة، من خلق، يعظم في أعين المسلمين كما يعظم في ميزان الله تعالى وفق هذا الميزان، ميزان التقوى، أما المال فهو عرض زائل، هو من الضروريات الخمس، لكنه ليس هو المعيار، الذي يحتكم إليه في أفضلية المرء، لا.
ونحن لو نظرنا إلى هذه المسألة من هذا
الباب، من باب الأعباء المالية:
نجد أن الله تعالى في شريعتنا قد جعل أعباء مالية على الرجل، وحقوقا له، يعني عليه واجبات وله حقوق، وكذلك الحال بالنسبة إلى المرأة.
فلو نظرنا إلى الرجل لو جدنا الرجل يجب عليه المهر، فالمهر يجب على الرجل ولا يجب على المرأة، عندنا في شريعتنا، أيضا يجب عليه توفير المسكن، المسكن إيواء العائلة، إيواء الأسرة هو واجب على الرجل، وليس بواجب على المرأة ولو كانت غنية، إلا إذا كانت متبرعة، فيجب عليه توفير المسكن.
كذلك أيضا النفقة على العائلة، أو على الأسرة وعلى المرأة، واجبة على الرجل للمرأة، وليست على المرأة، كذلك أيضا العاقلة التي سبق ذكرها لا يدخل فيها النساء، وإنما تجب على الرجال دون النساء، إذا قتل أحد أفراد العائلة شخصا خطئا فإنه يجب على ذكور تلك العائلة أن يقوموا بالتكاتف والتكافل في دفع تلك الدية. وكذلك النفقة على المطلقة وغيرها من الأعباء المالية.
فلما كان الرجل يقوم بهذه الأعباء من صداق، من نفقة يومية على الأسرة، من دفع الدية تضامنا مع قريبه، من توفير المسكن، وكانت المرأة تنتظر من يصدقها، من يعطيها صداقا، وهو تنتظر من يبني لها بيتا، وهي تنتظر من يوفر لها النفقة قضاء، حكما قضائيا، فمن غير العدل أن نكلف الرجل بهذه الأعباء ثم بعد ذلك نساوي بينه وبين الطرف الآخر، الذي هو متلقي، كان من المناسب أن يراعى الرجل في هذا الجانب، في هذا الباب.
مثلا الميراث، لو مات قريب، أب للعائلة، فيعطى الرجل ضعف ما تعطى الأنثى، الولد يعطى ضعف ما للمرأة، وهذا الولد يريد أن يبني بيتا، يريد أن يقدم صداقا، يريد أن يقوم بهذه الأعباء، أما البنت فتنتظر من يأتي من يقوم بذلك، ألا ترون معي أنه من العدالة أن يراعي الشخص الذي كلف بهذه الأعباء.
في حقيقة الأمر الشريعة كل لا يتجزأ، التشريع عندما رأى هذا الجانب لم يقصد الهضم، هضم حق المرأة، لا، ولكنه من باب تناسب الأدوار، والقيام بالحقوق والواجبات، فليس من العدالة كما قدمت أن نأخذ جانبا فندلل به على ميلان الميزان، أو على الحيف، حاشا شريعة الله عن الحيف، فإنها منزهة عن ذلك، وإنما كان الأمر من هذا الباب.
نجد أن الله تعالى في شريعتنا قد جعل أعباء مالية على الرجل، وحقوقا له، يعني عليه واجبات وله حقوق، وكذلك الحال بالنسبة إلى المرأة.
فلو نظرنا إلى الرجل لو جدنا الرجل يجب عليه المهر، فالمهر يجب على الرجل ولا يجب على المرأة، عندنا في شريعتنا، أيضا يجب عليه توفير المسكن، المسكن إيواء العائلة، إيواء الأسرة هو واجب على الرجل، وليس بواجب على المرأة ولو كانت غنية، إلا إذا كانت متبرعة، فيجب عليه توفير المسكن.
كذلك أيضا النفقة على العائلة، أو على الأسرة وعلى المرأة، واجبة على الرجل للمرأة، وليست على المرأة، كذلك أيضا العاقلة التي سبق ذكرها لا يدخل فيها النساء، وإنما تجب على الرجال دون النساء، إذا قتل أحد أفراد العائلة شخصا خطئا فإنه يجب على ذكور تلك العائلة أن يقوموا بالتكاتف والتكافل في دفع تلك الدية. وكذلك النفقة على المطلقة وغيرها من الأعباء المالية.
فلما كان الرجل يقوم بهذه الأعباء من صداق، من نفقة يومية على الأسرة، من دفع الدية تضامنا مع قريبه، من توفير المسكن، وكانت المرأة تنتظر من يصدقها، من يعطيها صداقا، وهو تنتظر من يبني لها بيتا، وهي تنتظر من يوفر لها النفقة قضاء، حكما قضائيا، فمن غير العدل أن نكلف الرجل بهذه الأعباء ثم بعد ذلك نساوي بينه وبين الطرف الآخر، الذي هو متلقي، كان من المناسب أن يراعى الرجل في هذا الجانب، في هذا الباب.
مثلا الميراث، لو مات قريب، أب للعائلة، فيعطى الرجل ضعف ما تعطى الأنثى، الولد يعطى ضعف ما للمرأة، وهذا الولد يريد أن يبني بيتا، يريد أن يقدم صداقا، يريد أن يقوم بهذه الأعباء، أما البنت فتنتظر من يأتي من يقوم بذلك، ألا ترون معي أنه من العدالة أن يراعي الشخص الذي كلف بهذه الأعباء.
في حقيقة الأمر الشريعة كل لا يتجزأ، التشريع عندما رأى هذا الجانب لم يقصد الهضم، هضم حق المرأة، لا، ولكنه من باب تناسب الأدوار، والقيام بالحقوق والواجبات، فليس من العدالة كما قدمت أن نأخذ جانبا فندلل به على ميلان الميزان، أو على الحيف، حاشا شريعة الله عن الحيف، فإنها منزهة عن ذلك، وإنما كان الأمر من هذا الباب.
على أننا نحن لو نظرنا إلى عناية
الإسلام بالمرأة لوجدناه اعتنى بها عناية لا مزيد عليها، فالمرأة عندنا إما
أن تكون أما، ولا شك أن الجنة تحت أقدام الأمهات، (قال من أولى الناس ببري قال أمك
قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال ثم أبوك).
وهي زوجة يجب حفظ حقوقها ومعاشرتها بالمعروف، والقيام بأعبائها وتكاليف الزوجية، والإحسان إليها، وهكذا، (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي). وإما أن تكون بنتا وهكذا.
وهكذا أيضا الشريعة جعلت المرأة كالرجل من حيث التملك، فالمرأة لها أن تمتلك ما تشاء من أموال، كذلك جعلتها من حيث التشريع كالرجل، المرأة تجب عليها الصلاة، ويجب عليها الصوم، وتجب عليها الزكاة، لكنها راعتها وخففت عنها، بما يتناسب وخلقتها.
وأما الناس مختلفون، الرجل والمرأة مختلفان من حيث الخلقة، من حيث التكوين الفطري الخلقي، فخلقة الرجل تختلف عن خلقة المرأة، الرجل عليه النفقة في الولد، والمرأة عليها الرضاع، لكن تجب النفقة على أبو الولد (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)(البقرة: 233)، المولود له أي الأب، عليه قال رزقهن وكسوتهن بالمعروف، مقابل الإرضاع.
أيضا الشريعة حفظت للمرأة نسبها، فالمرأة وإن تزوجت تبقى على نسبها، تنسب إلى أبيها، ونحن لو نظرنا إلى الممارسات الحديثة، لوجدنا المرأة في المجتمعات التي تنادي بالمساواة وجدناها تلغي نسب المرأة، وتكون المرأة منسوبة إلى زوجها إلى يومنا هذا على رؤوس الأشهاد. هذا ليس من المساواة، أين المساواة، لماذا لا تحتفظ المرأة بنسبها، نحن ترتب عليه عندنا أحكام من حيث الوصية، من حيث درجات النسب وغيره، هناك أحكام كثيرة تترتب على مسألة النسب
كذلك أيضا من حيث العمل، عندنا أجر المرأة، هذه من الممارسات الإدارية، كأجر الرجل لم تفرق، الآن دول الإسلام في أغلبها من حيث الأجر أجر المرأة، وراعتها في بعض الظروف التي كما أخبرتكم، من حيث خلقتها، إن كانت متزوجة مثلا.
لكن في بعض المجتمعات إلى اليوم، تجد أجر المرأة منخفضا لا يساوي أجر الرجل، إلى يومنا هذا، فهذه قضية أحببت أن أعرج عليها، لأن البعض يثيرها، وقد يلتبس ذلك على بعض شباب المسلمين، لكنّ الأمر كما ذكرت لكم هو مسألة حقوق وواجبات وأعباء فكان من المناسب أنّ الشخص الذي يكلف بأعباء يكافئ أو يعان عليها والشخص الآخر كلما قلت أعباءه كان من المناسب أيضا يخف الجانب الآخر المقابل لذلك.
كذلك الشريعة أعطت المرأة حق الحضانة حضانة الأولاد، فضلتها على الرجل، إذا وقع طلاق بين الرجل والمرأة، فللمرأة حق حضانة إلى سن معينة، ما لم تتزوج، وهذا، يعني لم ننادي نحن بالمساواة بين الرجل والمرأة فنقول أنه كان الأجدر تكون الحضانة للرجل كما تكون للمرأة لأن هذا أب، كما هي أم، لا، كان الجانب التربوي يقتضي أن تكون الأم هي المعتنية بالطفل في هذا السن، لشدة حاجته إلى الجوانب العاطفية.
كذلك في مسألة الميراث، ما ينبغي التنبيه عليه أن الشريعة جعلت المرأة صاحبة فرض ولم تجعلها عصبة، ومن يرث بالفرض أقوى ممن يرث بالتعصيب، فصاحب الفرض لا يسقط أبدا، أما العاصب فقد يسقط وقد يقل نصيبه إن كان يرث بالفرض والتعصي، ينقص نصيبه بالتعصيب، فالمرأة في الميراث ترث فرضا، مثلا لو مات رجلا فترك بنات وأخوات، فإن للبنات الثلثين فرضا، وكذلك الأخوات.
في جانب النساء، النساء يرثن فرضا، ولا يرثن تعصيبا إلا مع وجود الرجال، إلا في مسألة واحدة، مسألة الأخوات مع وجود البنات عصبات، مسألة واحدة يعني نص عليها أهل العلم، وهي قاعدة الأخوات مع وجود البنات عصبات لدرجة القرب، وهذا مسائل يمكن الوقوف عليها بالتتبع.
وفي هذا كفاية، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يثيبنا، وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
وهكذا أنتهت المحاضرة الثانية من هذه السلسلة المباركة، وسوف أقوم بنقل المحاضرة الثالثة منها إبتداء من الغد إن شاء الله تعالى، والله ولي التوفيق.
وهي زوجة يجب حفظ حقوقها ومعاشرتها بالمعروف، والقيام بأعبائها وتكاليف الزوجية، والإحسان إليها، وهكذا، (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي). وإما أن تكون بنتا وهكذا.
وهكذا أيضا الشريعة جعلت المرأة كالرجل من حيث التملك، فالمرأة لها أن تمتلك ما تشاء من أموال، كذلك جعلتها من حيث التشريع كالرجل، المرأة تجب عليها الصلاة، ويجب عليها الصوم، وتجب عليها الزكاة، لكنها راعتها وخففت عنها، بما يتناسب وخلقتها.
وأما الناس مختلفون، الرجل والمرأة مختلفان من حيث الخلقة، من حيث التكوين الفطري الخلقي، فخلقة الرجل تختلف عن خلقة المرأة، الرجل عليه النفقة في الولد، والمرأة عليها الرضاع، لكن تجب النفقة على أبو الولد (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)(البقرة: 233)، المولود له أي الأب، عليه قال رزقهن وكسوتهن بالمعروف، مقابل الإرضاع.
أيضا الشريعة حفظت للمرأة نسبها، فالمرأة وإن تزوجت تبقى على نسبها، تنسب إلى أبيها، ونحن لو نظرنا إلى الممارسات الحديثة، لوجدنا المرأة في المجتمعات التي تنادي بالمساواة وجدناها تلغي نسب المرأة، وتكون المرأة منسوبة إلى زوجها إلى يومنا هذا على رؤوس الأشهاد. هذا ليس من المساواة، أين المساواة، لماذا لا تحتفظ المرأة بنسبها، نحن ترتب عليه عندنا أحكام من حيث الوصية، من حيث درجات النسب وغيره، هناك أحكام كثيرة تترتب على مسألة النسب
كذلك أيضا من حيث العمل، عندنا أجر المرأة، هذه من الممارسات الإدارية، كأجر الرجل لم تفرق، الآن دول الإسلام في أغلبها من حيث الأجر أجر المرأة، وراعتها في بعض الظروف التي كما أخبرتكم، من حيث خلقتها، إن كانت متزوجة مثلا.
لكن في بعض المجتمعات إلى اليوم، تجد أجر المرأة منخفضا لا يساوي أجر الرجل، إلى يومنا هذا، فهذه قضية أحببت أن أعرج عليها، لأن البعض يثيرها، وقد يلتبس ذلك على بعض شباب المسلمين، لكنّ الأمر كما ذكرت لكم هو مسألة حقوق وواجبات وأعباء فكان من المناسب أنّ الشخص الذي يكلف بأعباء يكافئ أو يعان عليها والشخص الآخر كلما قلت أعباءه كان من المناسب أيضا يخف الجانب الآخر المقابل لذلك.
كذلك الشريعة أعطت المرأة حق الحضانة حضانة الأولاد، فضلتها على الرجل، إذا وقع طلاق بين الرجل والمرأة، فللمرأة حق حضانة إلى سن معينة، ما لم تتزوج، وهذا، يعني لم ننادي نحن بالمساواة بين الرجل والمرأة فنقول أنه كان الأجدر تكون الحضانة للرجل كما تكون للمرأة لأن هذا أب، كما هي أم، لا، كان الجانب التربوي يقتضي أن تكون الأم هي المعتنية بالطفل في هذا السن، لشدة حاجته إلى الجوانب العاطفية.
كذلك في مسألة الميراث، ما ينبغي التنبيه عليه أن الشريعة جعلت المرأة صاحبة فرض ولم تجعلها عصبة، ومن يرث بالفرض أقوى ممن يرث بالتعصيب، فصاحب الفرض لا يسقط أبدا، أما العاصب فقد يسقط وقد يقل نصيبه إن كان يرث بالفرض والتعصي، ينقص نصيبه بالتعصيب، فالمرأة في الميراث ترث فرضا، مثلا لو مات رجلا فترك بنات وأخوات، فإن للبنات الثلثين فرضا، وكذلك الأخوات.
في جانب النساء، النساء يرثن فرضا، ولا يرثن تعصيبا إلا مع وجود الرجال، إلا في مسألة واحدة، مسألة الأخوات مع وجود البنات عصبات، مسألة واحدة يعني نص عليها أهل العلم، وهي قاعدة الأخوات مع وجود البنات عصبات لدرجة القرب، وهذا مسائل يمكن الوقوف عليها بالتتبع.
وفي هذا كفاية، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يثيبنا، وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
وهكذا أنتهت المحاضرة الثانية من هذه السلسلة المباركة، وسوف أقوم بنقل المحاضرة الثالثة منها إبتداء من الغد إن شاء الله تعالى، والله ولي التوفيق.
نظرة في التشريع الإجتماعي في الإسلام (3) للشيخ الدكتور جابر السعدي
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا ونبينا محمد صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فالسلام عليكم أيها الأباء الكرام، والأخوة الأعزة ورحمة الله وبركاته
ولا يزال حديثنا مستمرا عن التشريع الاجتماعي والخصائص التي جاء لتأكيدها بين أفراد المجتمع الإسلامي، وسوف أتتحدث اليوم عن خصلتين اثنتين، الخصلة الأولى خصلة التناصح والتواصي بالحق والتواصي بالصبر، والخصلة الثانية هي خصلة إقامة القسط والعدل بين أفراد المجتمع ومؤسساته.
أما بالنسبة إلى الخصيصة الأولى التي هي التواصي بالحق والتواصي بالصبر، أو التي يعبر عنها الفقهاء بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
فقد جاءت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية على تأكيد أهمية هذه الصفة، أهميتها كمبدأ يستشعره ويأخذ به كل فرد من أفراد المسلمين، وأهميته من حيث كونه صفة بارزة أو كونه صفة مميزة اتصفت به هذه الأمة، أمة الإسلام.
الله سبحانه وتعالى يقول: (وَالْعَصْرِ، إِنَّ الْأِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) (العصر:1-3)
فالآية بينت أن الإنسان، جنس الإنسان هو في خسر ثم استثنت وأخرجت طائفة، مجموعة من بني الإنسان، قال (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا)، ولم تكتف بذلك، لم تكتف بذكر خاصية الإيمان بل أردفت ذلك بذكر بعض الخصائص التي كانت سببا في الخروج من هذا الخسران (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ).
ثم أردفت ذلك بذكر خصيصة التواصي (وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ). إذا خاصية التواصي بالحق، هي سببا لفلاح الإنسان وخروجه من فريق الخسران.
ومن الآيات العظيمة التي شكلت، أو
دلت على أن هذه الخاصية هي صفة مميزة، صفة تفردت بها هذه الأمة على هذا النحو، وعلى هذه
الهيئة، وعلى هذه الصفة من حيث العمل والتصديق. الله سبحانه وتعالى يقول:
(كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ
عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)(آل عمران110).
فهذه الأمة كما عبر القرآن الكريم، هي (خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ)، للبشرية، لبني البشر، ثم تصدرت صفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الخواص المميزة، وفي ذلك بيان لسبب هذه الخيرية، فهذه الخيرية مسببة ومعلله، إذا العلة أو سبب في كون هذه الأمة هي خير أمة أخرجت للناس كونها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر.
ولذلك ذكر كثير من المفسرين أن خاصية الإيمان، على أهميتها، إذ يترتب قبول العمل وعدم قبوله عليها، أي على خاصية العقيدة، الإيمان بالله سبحانه وتعالى، لكنها جاءت متأخرة عن هذه الخاصية (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) ثم جاءت صفة الإيمان بالله سبحانه وتعالى، ذلك أن صفة الإيمان بالله اشتركت فيها هذه الأمة مع غيرها من الأمم، فكثير من الأمم السابقة تؤمن بالله وبالرسل التي أرسلت إليهم، لكنّ هذه الخاصية قدمت لأنها من أبرز مميزات هذه الأمة.
ولاحظوا معي أن الآية جاءت مخاطبة جماعة المسلمين، جماعة المؤمنين في المجتمع المسلم، لم يأت الخطاب، أو لم يأت بيان هذه الصفات أو بيان خيرية هذه الأمة موجه إلى شخص أو إلى فرد، لا، قال (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ)، والخطاب موجه إلى جميع أفراد المسلمين.
وهناك كثير من الآيات تؤكد وتدل على أهمية هذه الصفة، يقول الله سبحانه وتعالى (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ )(التوبة: 71)، وهذا سبب جعلنا هذه الخصيصة من أبرز الخصائص والمبادئ التي جاء التشريع الاجتماعي لتأكيدها.
فهذه الأمة كما عبر القرآن الكريم، هي (خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ)، للبشرية، لبني البشر، ثم تصدرت صفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الخواص المميزة، وفي ذلك بيان لسبب هذه الخيرية، فهذه الخيرية مسببة ومعلله، إذا العلة أو سبب في كون هذه الأمة هي خير أمة أخرجت للناس كونها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر.
ولذلك ذكر كثير من المفسرين أن خاصية الإيمان، على أهميتها، إذ يترتب قبول العمل وعدم قبوله عليها، أي على خاصية العقيدة، الإيمان بالله سبحانه وتعالى، لكنها جاءت متأخرة عن هذه الخاصية (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) ثم جاءت صفة الإيمان بالله سبحانه وتعالى، ذلك أن صفة الإيمان بالله اشتركت فيها هذه الأمة مع غيرها من الأمم، فكثير من الأمم السابقة تؤمن بالله وبالرسل التي أرسلت إليهم، لكنّ هذه الخاصية قدمت لأنها من أبرز مميزات هذه الأمة.
ولاحظوا معي أن الآية جاءت مخاطبة جماعة المسلمين، جماعة المؤمنين في المجتمع المسلم، لم يأت الخطاب، أو لم يأت بيان هذه الصفات أو بيان خيرية هذه الأمة موجه إلى شخص أو إلى فرد، لا، قال (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ)، والخطاب موجه إلى جميع أفراد المسلمين.
وهناك كثير من الآيات تؤكد وتدل على أهمية هذه الصفة، يقول الله سبحانه وتعالى (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ )(التوبة: 71)، وهذا سبب جعلنا هذه الخصيصة من أبرز الخصائص والمبادئ التي جاء التشريع الاجتماعي لتأكيدها.
فأنا هنا أتحدث عن هذه الخصيصة التي
هي التناصح والتآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر، أتحدث عنها كصفة ينبغي أن تسود بين
أفراد المجتمع، ينبغي أن تنتظم جميع أفراد المجتمع المسلم، أي أن يكون المجتمع
المسلم هذه صفته.
فإذا كانت هذه الصفة هي صفة للمجتمع، يعني ذلك أن كل أفراد المجتمع يتصفون بهذه الصفة، صفة التآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر، والتواصي بالحق والتواصي بالصبر، فنحن نتحدث عنها كصفة اجتماعية تنتظم جميع أفراد المجتمع، وتنعكس آثارها على جميع مؤسساته، مؤسسات المجتمع المسلم، سواء كانت هذه المؤسسات مؤسسات خاصة أم مؤسسات عامة، سواء كانت مؤسسات شعبية أم مؤسسات رسمية حكومية.
ينبغي أن تكون هذه الصفة الاجتماعية سائدة بين أفراد المجتمع حيثما كانوا وأينما وجدوا، حيثما كانوا من حيث عملهم، من حيث دورهم الذي نيط بهم، من حيث المهمات التي ألقيت على عواتقهم، ينبغي أن يكون شعارهم التآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر.
هذه الصفة إذا كانت بهذا المعنى فإنها تكون وسيلة إصلاح، تكون وسيلة خير، وسيلة درء الخلل، لأن كل فرد من أفراد المجتمع يقوم بها، يعني أن هذه الصفة هي صفة مطالب الإنسان ، كما مر، بها، من حيث طبيعة عمله، لأن الإنسان في عمله الدنيوي يرتبط بشروط، فيجب عليه أن يكون مخلصا أمينا، وهو في تشريعنا الإسلامي، مطالب بها دينا، بمقتضى عقيدته ودينه، فهو مطالب بذلك، فصفة التآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر صفة مهمة تميّز بها المجتمع المسلم.
فإذا كانت هذه الصفة هي صفة للمجتمع، يعني ذلك أن كل أفراد المجتمع يتصفون بهذه الصفة، صفة التآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر، والتواصي بالحق والتواصي بالصبر، فنحن نتحدث عنها كصفة اجتماعية تنتظم جميع أفراد المجتمع، وتنعكس آثارها على جميع مؤسساته، مؤسسات المجتمع المسلم، سواء كانت هذه المؤسسات مؤسسات خاصة أم مؤسسات عامة، سواء كانت مؤسسات شعبية أم مؤسسات رسمية حكومية.
ينبغي أن تكون هذه الصفة الاجتماعية سائدة بين أفراد المجتمع حيثما كانوا وأينما وجدوا، حيثما كانوا من حيث عملهم، من حيث دورهم الذي نيط بهم، من حيث المهمات التي ألقيت على عواتقهم، ينبغي أن يكون شعارهم التآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر.
هذه الصفة إذا كانت بهذا المعنى فإنها تكون وسيلة إصلاح، تكون وسيلة خير، وسيلة درء الخلل، لأن كل فرد من أفراد المجتمع يقوم بها، يعني أن هذه الصفة هي صفة مطالب الإنسان ، كما مر، بها، من حيث طبيعة عمله، لأن الإنسان في عمله الدنيوي يرتبط بشروط، فيجب عليه أن يكون مخلصا أمينا، وهو في تشريعنا الإسلامي، مطالب بها دينا، بمقتضى عقيدته ودينه، فهو مطالب بذلك، فصفة التآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر صفة مهمة تميّز بها المجتمع المسلم.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم (من
رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان).
هذا حديث نبوي، نص تشريعي تناول هذه الخصيصة، التي هي خصيصة التآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر، التعاون على البر والتقوى، هذه الخصيصة في هذا الحديث تناولها من جانب التغيير، نظم فيها جانب القيام بها من حيث التغير، والإنكار على المخطئ.
فقال مخاطبا المسلمين، وتنبهوا إلى جميع هذه النصوص تأتي موجهة إلى جماعة المسلمين، قال (من رأى منكم)، يا جماعة المسلمين، يا إفراد المجتمع المسلم.
(من رأى منكرا فليغيره)، والأمر للوجوب ما لم تصرفه قرينة، (فليغيره)، فالأمر بالتغيير مقطوع به، ينبغي للمسلم أن يغيّر المنكر.
درجات هذا التغيير تخضع لاعتبارات عديدة، تنطلق من موقع الإنسان في المجتمع، وتنطلق أيضا من تحقق الغاية المقصودة من التغيير، أو من الأمر بالتغيير، أو من النصح المؤدي إلى التغيير.
فبالنسبة إلى العنصر الأول الذي هو موقع المسؤولية في المجتمع، لا شك أن المجتمع المسلم، جماعة المسلمين، ينتدبون لكثير من المهمات أناسا مخصوصين، هؤلاء الأفراد تعلق بهم وتناط بهم مسؤوليات ومهام تتناسب والمهمة التي جعلوا لها.
فالقاضي مثلا والوالي والحاكم قبل ذلك والمعلم والمهندس والطبيب والمدرس، هؤلاء كل مخاطب بتغيير المنكر بحسبه، فمن كان سلطته سلطة تغيير بيده، أي قادرا من الوصول بالتغيير بيده، فينبغي أن يقوم بهذه المهمة كما مكن، أو حسب الوسيلة التي يستطيع القيام من خلالها بتغيير المنكر، وهذه الفئة هي الفئة المأمورة بتغيير المنكر باليد.
( فليغيره بيده، فإن لم يستطيع) ثم بعد ذلك أيضا فإن لم يستطع تغيير بهذه الدرجة التي هي التغيير باليد، (فليغيّره بلسانه)، بالقول، يبيّن الصواب، يبيّن الحق، يبيّن الخير، ويبيّن أن الحال الذي أنكر هو ليس كذلك، فيكون ذلك سببا وداعيا إلى الانتقال إلى الخير والصواب.
(فإن لم يستطع فبقلبه)، التغيير، كما أخبرتكم، ينطلق من موقع الإنسان المسلم في مجتمعه، وينطلق أيضا من الغاية والمقصد الذي جعل من أجله التغيير، فالمقصد هو الانتقال من الوضع الذي فيه خلل، الذي فيه خطأ، إلى الوضع الصواب، الوضع الحق، إلى ما ينبغي أن يكون عليه الحال، فإذا كانت النصيحة مؤدية إلى فساد أكبر، أو إلى مفسدة فهنا تكون مبررا للنظر في هذه الوسيلة وتخيّر الأسلوب المؤدي إلى الغاية والمقصد المراد من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
هذا حديث نبوي، نص تشريعي تناول هذه الخصيصة، التي هي خصيصة التآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر، التعاون على البر والتقوى، هذه الخصيصة في هذا الحديث تناولها من جانب التغيير، نظم فيها جانب القيام بها من حيث التغير، والإنكار على المخطئ.
فقال مخاطبا المسلمين، وتنبهوا إلى جميع هذه النصوص تأتي موجهة إلى جماعة المسلمين، قال (من رأى منكم)، يا جماعة المسلمين، يا إفراد المجتمع المسلم.
(من رأى منكرا فليغيره)، والأمر للوجوب ما لم تصرفه قرينة، (فليغيره)، فالأمر بالتغيير مقطوع به، ينبغي للمسلم أن يغيّر المنكر.
درجات هذا التغيير تخضع لاعتبارات عديدة، تنطلق من موقع الإنسان في المجتمع، وتنطلق أيضا من تحقق الغاية المقصودة من التغيير، أو من الأمر بالتغيير، أو من النصح المؤدي إلى التغيير.
فبالنسبة إلى العنصر الأول الذي هو موقع المسؤولية في المجتمع، لا شك أن المجتمع المسلم، جماعة المسلمين، ينتدبون لكثير من المهمات أناسا مخصوصين، هؤلاء الأفراد تعلق بهم وتناط بهم مسؤوليات ومهام تتناسب والمهمة التي جعلوا لها.
فالقاضي مثلا والوالي والحاكم قبل ذلك والمعلم والمهندس والطبيب والمدرس، هؤلاء كل مخاطب بتغيير المنكر بحسبه، فمن كان سلطته سلطة تغيير بيده، أي قادرا من الوصول بالتغيير بيده، فينبغي أن يقوم بهذه المهمة كما مكن، أو حسب الوسيلة التي يستطيع القيام من خلالها بتغيير المنكر، وهذه الفئة هي الفئة المأمورة بتغيير المنكر باليد.
( فليغيره بيده، فإن لم يستطيع) ثم بعد ذلك أيضا فإن لم يستطع تغيير بهذه الدرجة التي هي التغيير باليد، (فليغيّره بلسانه)، بالقول، يبيّن الصواب، يبيّن الحق، يبيّن الخير، ويبيّن أن الحال الذي أنكر هو ليس كذلك، فيكون ذلك سببا وداعيا إلى الانتقال إلى الخير والصواب.
(فإن لم يستطع فبقلبه)، التغيير، كما أخبرتكم، ينطلق من موقع الإنسان المسلم في مجتمعه، وينطلق أيضا من الغاية والمقصد الذي جعل من أجله التغيير، فالمقصد هو الانتقال من الوضع الذي فيه خلل، الذي فيه خطأ، إلى الوضع الصواب، الوضع الحق، إلى ما ينبغي أن يكون عليه الحال، فإذا كانت النصيحة مؤدية إلى فساد أكبر، أو إلى مفسدة فهنا تكون مبررا للنظر في هذه الوسيلة وتخيّر الأسلوب المؤدي إلى الغاية والمقصد المراد من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وهنا مبدأ عظيم، أو خاصية تشريعية
عظيمة ألتفت التشريع الإسلامي، ونص عليها كونه من لدن الله سبحانه وتعالى، فلقائل أن
يقول: إذا كان التغيير باليد متعذرا للآمر بالمعروف والناهي عن المنكر، والتغيير
بالنصح متعذرا، فما فائدة التغيير بالقلب، الحديث (فليغيّره بيده، فإن لم يستطع
فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه)، قال: (وذلك أضعف الإيمان)، أقل الدرجات يعني أضعف
الإيمان، أي لا إيمان بعد ذلك، فما الفائدة من هذا؟
هذا التساؤل، أو يمكن أن نقول التشتت أو بعض الحيرة في أثر هذا الموقف، الذي هو أثر التغيير القلبي على الواقع، مرده إلى تصور هو أن التغيير المقصود به القضية المطروحة فقط، والجواب عن ذلك أن التغيير القلبي له أثر على صعيدين.
الصعيد الأول على نفس القضية المراد تغييرها
والصعيد الثاني وهو الأهم، هو المحافظة على المعايير الصحيحة والموازيين التي تمثل الحق والعدل بين أفراد المجتمع المسلم، كيف ذلك.
بالنسبة إلى الأمر الأول وهو أثر هذا الموقف على القضية المراد تغييرها، المسلمون كجماعة عندما يقفون هذا الموقف، الذي هو موقف عدم الرضى، موقف الرفض القلبي، هذا الموقف القلبي يتجلى في السلوك، عدم تقبل ذلك الأمر، عدم مسايرة من وقع في ذلك، فإذا كان هذا ولد حسا عاما، لا شك أنه يؤثر على القضية من حيث موقف أفراد المجتمع منها، وهذا أمر واضح جلي، لو اتفقت قلوب أفراد المجتمع على تغيير هذا المنكر فلن يبقى لذلك المنكر مكان في هذا المجتمع الذي رفضته قلوب أبناء المجتمع.
الجانب الثاني وهو الجانب الأهم وهو أن هذه الدرجة من التغيير التي هي التغيير القلبي، فيها فائدة عظيمة، كما أشرت، من حيث المحافظة على المعايير الصحيحة لأن الناس إذا انتشر بينهم سلوك ما، أو تصرف ما، يبدأ فرديا ثم ينتشر، فرضي به وسكت عنه أفراد المجتمع فإنه بعد ذلك، وبعد فترة، يكون تصرفا مقبولا، بل قد يكون من صفات المجتمع، بحيث يعسر تغييره والنظر فيه.
أما إذا كانت القلوب، وانتبهوا معي أن الحديث لم يترك مجالا إلى النزول عن هذه الدرجة، يعني يجب على الإنسان أن يقف عند هذه الدرجة، (فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) أقل الدرجات من حيث الأثر الظاهر، من حيث الفعل الإيجابي، أو الفعل المشاهد، أما من حيث الأثر فكما ذكرت لكم له أثر بالغ، فتبقى الموازيين التي هي موازيين الخير ثابتة معروفة بين أفراد المجتمع.
وأنتم تلاحظون ذلك أن كثيرا من الصفات تتغيّر وتتبدل بتغيّر أفراد الناس وبتغير الأجيال فكل جيل تنتشر بين أفراده بعض الصفات التي لم تكن موجودة بين أفراد الجيل الأول، وقد تندثر بعض الصفات المحمودة إذا لم يتتبه لها أفراد المجتمع، بالإنكار على بعض الصفات التي تحل محلها.
هذا التساؤل، أو يمكن أن نقول التشتت أو بعض الحيرة في أثر هذا الموقف، الذي هو أثر التغيير القلبي على الواقع، مرده إلى تصور هو أن التغيير المقصود به القضية المطروحة فقط، والجواب عن ذلك أن التغيير القلبي له أثر على صعيدين.
الصعيد الأول على نفس القضية المراد تغييرها
والصعيد الثاني وهو الأهم، هو المحافظة على المعايير الصحيحة والموازيين التي تمثل الحق والعدل بين أفراد المجتمع المسلم، كيف ذلك.
بالنسبة إلى الأمر الأول وهو أثر هذا الموقف على القضية المراد تغييرها، المسلمون كجماعة عندما يقفون هذا الموقف، الذي هو موقف عدم الرضى، موقف الرفض القلبي، هذا الموقف القلبي يتجلى في السلوك، عدم تقبل ذلك الأمر، عدم مسايرة من وقع في ذلك، فإذا كان هذا ولد حسا عاما، لا شك أنه يؤثر على القضية من حيث موقف أفراد المجتمع منها، وهذا أمر واضح جلي، لو اتفقت قلوب أفراد المجتمع على تغيير هذا المنكر فلن يبقى لذلك المنكر مكان في هذا المجتمع الذي رفضته قلوب أبناء المجتمع.
الجانب الثاني وهو الجانب الأهم وهو أن هذه الدرجة من التغيير التي هي التغيير القلبي، فيها فائدة عظيمة، كما أشرت، من حيث المحافظة على المعايير الصحيحة لأن الناس إذا انتشر بينهم سلوك ما، أو تصرف ما، يبدأ فرديا ثم ينتشر، فرضي به وسكت عنه أفراد المجتمع فإنه بعد ذلك، وبعد فترة، يكون تصرفا مقبولا، بل قد يكون من صفات المجتمع، بحيث يعسر تغييره والنظر فيه.
أما إذا كانت القلوب، وانتبهوا معي أن الحديث لم يترك مجالا إلى النزول عن هذه الدرجة، يعني يجب على الإنسان أن يقف عند هذه الدرجة، (فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) أقل الدرجات من حيث الأثر الظاهر، من حيث الفعل الإيجابي، أو الفعل المشاهد، أما من حيث الأثر فكما ذكرت لكم له أثر بالغ، فتبقى الموازيين التي هي موازيين الخير ثابتة معروفة بين أفراد المجتمع.
وأنتم تلاحظون ذلك أن كثيرا من الصفات تتغيّر وتتبدل بتغيّر أفراد الناس وبتغير الأجيال فكل جيل تنتشر بين أفراده بعض الصفات التي لم تكن موجودة بين أفراد الجيل الأول، وقد تندثر بعض الصفات المحمودة إذا لم يتتبه لها أفراد المجتمع، بالإنكار على بعض الصفات التي تحل محلها.
وهناك كثير من النصوص من كتاب الله
سبحانه وتعالى تدل على أن هذه الأمة نيط بها، وعلق بذممها مبدأ التناصح، مبدأ الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم (الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة، قالوا لمن يا رسول الله، قال لله، ولكتابه ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم).
فالنصوص الآمرة بالتناصح تأتي موجهة إلى أفراد المجتمع، الحديث نص ولأئمة المسلمين، ومن هم أئمة المسلمين، هم الأشخاص الذين انتدبهم أفراد المجتمع، والذين نيطت بهم القيام بمسؤوليات كثيرة في المجتمع، منهم من يتولى القضاء، منهم من يتولى الحكم، منهم من يتولى التدريس، هؤلاء كل فرد منهم قد يكون إماما لغيره، أي تتعلق به مصلحة فئة من الناس، ولائمة المسلمين، وبعبارة أخرى، أصحاب القرار.
وعامتهم أي عامة أفراد المجتمع، بغض النظر عن كونهم في موقع المسؤولية أم لا.
فالحديث بيّن أن (الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة)، وهذا يسمى أسلوب قصر، فكأنه عليه أفضل الصلاة والسلام قصر الدين على النصيحة، كأن الدين كله مجموع في النصيحة، لما لها من أثر بالغ، ولما لها من دور فعّال في إذكاء صفات الخير والأمر بها، والنهي عن الصفات المذمومة والتنفير عنها.
فلأئمة المسلمين كل حسب موقعة، ولعامتهم، أي بحسب الأفراد،بين أفراد المجتمع، فهذا المبدأ الذي هو مبدأ التناصح ينبغي أن يسود بين أفراد المجتمع، كخصيصة من خصائصه، وصفة صفاته، فلما ينظر الناظر إلى أفراد المجتمع المسلم يجد من أبرز سماته التناصح، والتآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر.
وأنتم تلاحظون أن القيام بهذه الخصيصة، أو بهذا المبدأ، أو بهذه الصفة لا يبقي مكانا للخطأ، ولا يبقي مكانا للزلل، لا أقصد أنه لا يبقى الخطأ من حيث وقوعه، لا، البشر مجبولون على أنهم يغفلون ويخطئون وينسون، لكن الاستمرار في الخطأ، الاستمرار فيه والتمادي فيه، التمادي في الباطل، هذا لن يكون موجودا ما دامت هذه الخصيصة منتشرة، وطاغية على جميع أفراد المجتمع المسلم.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم (الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة، قالوا لمن يا رسول الله، قال لله، ولكتابه ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم).
فالنصوص الآمرة بالتناصح تأتي موجهة إلى أفراد المجتمع، الحديث نص ولأئمة المسلمين، ومن هم أئمة المسلمين، هم الأشخاص الذين انتدبهم أفراد المجتمع، والذين نيطت بهم القيام بمسؤوليات كثيرة في المجتمع، منهم من يتولى القضاء، منهم من يتولى الحكم، منهم من يتولى التدريس، هؤلاء كل فرد منهم قد يكون إماما لغيره، أي تتعلق به مصلحة فئة من الناس، ولائمة المسلمين، وبعبارة أخرى، أصحاب القرار.
وعامتهم أي عامة أفراد المجتمع، بغض النظر عن كونهم في موقع المسؤولية أم لا.
فالحديث بيّن أن (الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة)، وهذا يسمى أسلوب قصر، فكأنه عليه أفضل الصلاة والسلام قصر الدين على النصيحة، كأن الدين كله مجموع في النصيحة، لما لها من أثر بالغ، ولما لها من دور فعّال في إذكاء صفات الخير والأمر بها، والنهي عن الصفات المذمومة والتنفير عنها.
فلأئمة المسلمين كل حسب موقعة، ولعامتهم، أي بحسب الأفراد،بين أفراد المجتمع، فهذا المبدأ الذي هو مبدأ التناصح ينبغي أن يسود بين أفراد المجتمع، كخصيصة من خصائصه، وصفة صفاته، فلما ينظر الناظر إلى أفراد المجتمع المسلم يجد من أبرز سماته التناصح، والتآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر.
وأنتم تلاحظون أن القيام بهذه الخصيصة، أو بهذا المبدأ، أو بهذه الصفة لا يبقي مكانا للخطأ، ولا يبقي مكانا للزلل، لا أقصد أنه لا يبقى الخطأ من حيث وقوعه، لا، البشر مجبولون على أنهم يغفلون ويخطئون وينسون، لكن الاستمرار في الخطأ، الاستمرار فيه والتمادي فيه، التمادي في الباطل، هذا لن يكون موجودا ما دامت هذه الخصيصة منتشرة، وطاغية على جميع أفراد المجتمع المسلم.
أما إذا اختلت فإنه لا شك أنه تظهر
كثير من الآثار السلبية والمظاهر التي ينبغي إصلاحها، بغياب هذه الصفة التي جعلها الله
سبحانه وتعالى من مميزات هذه الأمة، من مميزات هذا المجتمع (كُنْتُمْ خَيْرَ
أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ
الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)(آل عمران110).
وقد أسلفت أنها قدمت لأنها مما انفردت به هذه الأمة، تميّزت بها عن غيرها، وقد عاب الله سبحانه وتعالى على أمم مضت وانقضت، عاب عليهم عدم القيام بهذه الصفة فقال (كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) (المائدة:79) . فإذا من السمات التي أدت إلى اندثارهم، إلى فسادهم، عدم القيام بهذه الصفة.
هذا من حيث التشريع، أما من حيث واقع المسلمين فقد مضت أزمان قام المسلمون فيها بهذه الصفة خير قيام، ولهم في التأريخ الإسلامي شواهد كثيرة، فمن طالع كتب التأريخ وقصصه يدرك ذلك، كما حدث في سيدنا أبو بكر الصديق، حدث في زمن سيدنا عمر.
حدث عندنا في المجتمع العماني بعد ذلك على مر العصور، تجد هذه الصفة، صفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والأمر بالخير والتناصح عليه والتكاتف والتعاضد في الوصول إليه صفة أهل المجتمع في تلك الأزمان، ولا أطيل بذكر الأمثلة في ذلك.
وقد أسلفت أنها قدمت لأنها مما انفردت به هذه الأمة، تميّزت بها عن غيرها، وقد عاب الله سبحانه وتعالى على أمم مضت وانقضت، عاب عليهم عدم القيام بهذه الصفة فقال (كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) (المائدة:79) . فإذا من السمات التي أدت إلى اندثارهم، إلى فسادهم، عدم القيام بهذه الصفة.
هذا من حيث التشريع، أما من حيث واقع المسلمين فقد مضت أزمان قام المسلمون فيها بهذه الصفة خير قيام، ولهم في التأريخ الإسلامي شواهد كثيرة، فمن طالع كتب التأريخ وقصصه يدرك ذلك، كما حدث في سيدنا أبو بكر الصديق، حدث في زمن سيدنا عمر.
حدث عندنا في المجتمع العماني بعد ذلك على مر العصور، تجد هذه الصفة، صفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والأمر بالخير والتناصح عليه والتكاتف والتعاضد في الوصول إليه صفة أهل المجتمع في تلك الأزمان، ولا أطيل بذكر الأمثلة في ذلك.
إلا أني أختم الحديث عن هذه الصفة
بحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم يبيّن أن الثبوت والإعراض وعدم الأخذ بهذه الصفة لا
يقتصر ضرره على صاحب الخطأ وحده، بل يتعداه إلى جميع أفراد المجتمع، وهنا مكمن
الخطورة، الخطأ والزلل لا يقتصر على صاحبه، بل يمتد إلى غيره من أصحاب المجتمع.
هذا الحديث يبيّن أو يصور حالة المجتمع المسلم كأنه سفينة تبخر بهم عباب البحر، ينبغي لهم أن يتصرفوا بما يضمن لهم النجاة، يقول عليه أفضل الصلاة والسلام (مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين أصابوا أسفلها إذا أرادوا أن يستقوا مروا على من فوقهم، فقالوا لو أنّا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا، فلو تركوهم هلكوا وهلكوا جميعا، ولو أخذوا بأيدهم نجوا ونجوا جميعا).
فالحديث واضح، يصور القائمين على هذه الصفة، (القائم على حدود الله) أي الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر، الذي يحث الناس على التمسك بالخير والصواب، (ومثل الواقع فيها) أي الذي يقع في الخلل والخطأ والزلل كمثل أناس ركبوا في سفينة (استهموا عليها) استهموا يعني اقترعوا، جعلوا قرعة من ينزل أسفل السفينة، يصور السفينة كأن السفينة فيها قسمين، قسم علوي وقسم سفلي، فيها طابقان طابق علوي وطابق سفلي، فاقترعوا على ذلك، منهم من أصاب في القسم السفلي، جاء سهمه في القسم السفلي، ومنهم من جاء سهمه في القسم العلوي.
المشكلة الآن تأتي إذا أرادوا السقيا، أرادوا الماء، هؤلاء الذين في القسم الأسفل إذا أرادوا الماء كانوا يمرون على من فوقهم فيؤذونهم، يؤذونهم بأن قد يصبون عليهم بعض الماء، وبالمرور عليهم، السفينة ضيقة، فالذين بالأسفل تأذوا من هذا أي شعورهم تجاه إخوانهم الذين هم فوق كان شعورا حسننا طيبا، فلم يريدوا أذيتهم.
ما الحل الذي اقترحوه، اقترحوا أن يثقبوا، يخرقوا في نصيبهم الأسفل خرقا، وأنتم تعلمون أن أسفل السفينة يلامس الماء، فلو ثقب لغرقت السفينة، لكن هم تصوروا ذلك، قالوا (لو أنّا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا)، قال الحديث (فإن تركوهم هلكوا) أي أولئك النفر، (وهلكوا جميعا) أي هلك الفريقان، وإن (أخذوا بأيدهم نجوا ونجوا جميعا). فانظروا إلى هذا التعبير وهذا التصوير، يعني فيه ما فيه من الحكم.
هذا الحديث يبيّن أو يصور حالة المجتمع المسلم كأنه سفينة تبخر بهم عباب البحر، ينبغي لهم أن يتصرفوا بما يضمن لهم النجاة، يقول عليه أفضل الصلاة والسلام (مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين أصابوا أسفلها إذا أرادوا أن يستقوا مروا على من فوقهم، فقالوا لو أنّا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا، فلو تركوهم هلكوا وهلكوا جميعا، ولو أخذوا بأيدهم نجوا ونجوا جميعا).
فالحديث واضح، يصور القائمين على هذه الصفة، (القائم على حدود الله) أي الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر، الذي يحث الناس على التمسك بالخير والصواب، (ومثل الواقع فيها) أي الذي يقع في الخلل والخطأ والزلل كمثل أناس ركبوا في سفينة (استهموا عليها) استهموا يعني اقترعوا، جعلوا قرعة من ينزل أسفل السفينة، يصور السفينة كأن السفينة فيها قسمين، قسم علوي وقسم سفلي، فيها طابقان طابق علوي وطابق سفلي، فاقترعوا على ذلك، منهم من أصاب في القسم السفلي، جاء سهمه في القسم السفلي، ومنهم من جاء سهمه في القسم العلوي.
المشكلة الآن تأتي إذا أرادوا السقيا، أرادوا الماء، هؤلاء الذين في القسم الأسفل إذا أرادوا الماء كانوا يمرون على من فوقهم فيؤذونهم، يؤذونهم بأن قد يصبون عليهم بعض الماء، وبالمرور عليهم، السفينة ضيقة، فالذين بالأسفل تأذوا من هذا أي شعورهم تجاه إخوانهم الذين هم فوق كان شعورا حسننا طيبا، فلم يريدوا أذيتهم.
ما الحل الذي اقترحوه، اقترحوا أن يثقبوا، يخرقوا في نصيبهم الأسفل خرقا، وأنتم تعلمون أن أسفل السفينة يلامس الماء، فلو ثقب لغرقت السفينة، لكن هم تصوروا ذلك، قالوا (لو أنّا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا)، قال الحديث (فإن تركوهم هلكوا) أي أولئك النفر، (وهلكوا جميعا) أي هلك الفريقان، وإن (أخذوا بأيدهم نجوا ونجوا جميعا). فانظروا إلى هذا التعبير وهذا التصوير، يعني فيه ما فيه من الحكم.
أولا هو يصور أفراد المجتمع كأنهم في
سفينة، فلا مجال للإنسان أن ينأى بنفسه عن أفراد مجتمعه، كما لا مجال لراكب السفينة أن يطلب
لنفسه مكان آخر عن أفراد المجموعة ما دام هو في تلك السفينة.
فيصور المجتمع كأنه سفينة، فإذا حدث فيه خلل، والمعبر عنه هنا بالثقب، فإنه يضر جميع أفراد المجتمع، لا يقتصر على فئة دون فئة، لا، هو يسري وينتشر بين أفراد المجتمع جميعا.
أيضا هؤلاء النفر في هذا الحديث، ما كانوا يقصدون الإساءة، خطأهم لم يكن خطأ متعمدا، مقصودا، أي قصدوا الخطأ وهم يعلمون أنه خطأ، أو أنه غير مفيد أو أنه ظلم، لا، قصدوه على أنه وسيلة إصلاح، وسيلة درء الضرر، قال (ولم نؤذ من فوقنا)، لكن مع ذلك لا يصلح أن يكون هذا السلوك مبررا لعدم النصح، ولعدم الإرشاد، لا يصلح، لا، قال (فإن تركوهم هلكوا وهلكوا جميعا).
يعني أن القصد الحسن، والنية الحسنة، لا تكفي في جعل التصرف سليما، بل يضل الخطأ خطأ، وتظل آثاره المترتبة عليه موجودة، نعم هو أسهل، لا شك، من حيث التغيير لأن الشخص الذي يقصد الإصلاح يتنبه بأدنى عبارة.
فهذا الحديث فيه تصوير عجيب لحالة أبناء المجتمع، وحالة أفراد المجتمع، فكما ينبغي لهؤلاء النفر الذين أصابوا أعلى السفينة أن ينبهوا إخوانهم الذين أصابوا أسفل السفينة أن هذا الثقب الذي قصدوا منه درء الظلم عن من فوق سوف يغرقهم جميعا، ويهلكهم جميعا، كذلك ينبغي للمسلم بين أفراد مجتمعه ينبغي له أن يقوم بواجب النصح والإرشاد والدعوة إلى الخير لكي يحقق عدة الأهداف.
الهدف الأسمى من فعل الإنسان، أو أفعاله وتصرفاته هو تحقيق معنى العبودية، وتجسيدها، والفوز برضوان الله، ثم من الأهداف المترتبة على ذلك إصلاح الخطأ، إشاعة الخير، التنبيه على الأخطاء وتلافيها قبل أن تستفحل وتنتشر آثارها، ويعظم ضررها وخطرها، فينبغي أن يكون حال المسلمين كذلك.
فيصور المجتمع كأنه سفينة، فإذا حدث فيه خلل، والمعبر عنه هنا بالثقب، فإنه يضر جميع أفراد المجتمع، لا يقتصر على فئة دون فئة، لا، هو يسري وينتشر بين أفراد المجتمع جميعا.
أيضا هؤلاء النفر في هذا الحديث، ما كانوا يقصدون الإساءة، خطأهم لم يكن خطأ متعمدا، مقصودا، أي قصدوا الخطأ وهم يعلمون أنه خطأ، أو أنه غير مفيد أو أنه ظلم، لا، قصدوه على أنه وسيلة إصلاح، وسيلة درء الضرر، قال (ولم نؤذ من فوقنا)، لكن مع ذلك لا يصلح أن يكون هذا السلوك مبررا لعدم النصح، ولعدم الإرشاد، لا يصلح، لا، قال (فإن تركوهم هلكوا وهلكوا جميعا).
يعني أن القصد الحسن، والنية الحسنة، لا تكفي في جعل التصرف سليما، بل يضل الخطأ خطأ، وتظل آثاره المترتبة عليه موجودة، نعم هو أسهل، لا شك، من حيث التغيير لأن الشخص الذي يقصد الإصلاح يتنبه بأدنى عبارة.
فهذا الحديث فيه تصوير عجيب لحالة أبناء المجتمع، وحالة أفراد المجتمع، فكما ينبغي لهؤلاء النفر الذين أصابوا أعلى السفينة أن ينبهوا إخوانهم الذين أصابوا أسفل السفينة أن هذا الثقب الذي قصدوا منه درء الظلم عن من فوق سوف يغرقهم جميعا، ويهلكهم جميعا، كذلك ينبغي للمسلم بين أفراد مجتمعه ينبغي له أن يقوم بواجب النصح والإرشاد والدعوة إلى الخير لكي يحقق عدة الأهداف.
الهدف الأسمى من فعل الإنسان، أو أفعاله وتصرفاته هو تحقيق معنى العبودية، وتجسيدها، والفوز برضوان الله، ثم من الأهداف المترتبة على ذلك إصلاح الخطأ، إشاعة الخير، التنبيه على الأخطاء وتلافيها قبل أن تستفحل وتنتشر آثارها، ويعظم ضررها وخطرها، فينبغي أن يكون حال المسلمين كذلك.
ثم أنتقل بعد ذلك إلى خاصية أخرى طالب
الله سبحانه وتعالى بها أفراد المجتمع وطالبهم أن تكون هذه الخاصية فيما بينهم سمة من سمات
مجتمعهم، غير مقصورة على أفراد، نعم قد تتعين على أفراد، كما أخبرتكم، نتيجة
لموقعهم من أفراد المجتمع، لكن ينبغي أن تكون هذه الصفة سمة تنتظم جميع أفراد
المجتمع، كما هو الحال بالنسبة لجميع الصفات الآنفة الذكر، التي سبق الحديث عنها.
هذه الصفة هي صفة القيام بالقسط والحق والعدل، الله سبحانه وتعالى يقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا )(النساء135)
وتنبهوا أن هذه الآية أيضا، كما هو الحال في أخواتها اللواتي ذكرتهن سابقا، ابتدأت بالخطاب لجماعة المسلمين (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا)، الخطاب هو موجه للجماعة، لكل فرد من أفراد المجتمع، (كُونُوا) وكما تقدم الأمر للوجوب ما لم تصرفه قرينة.
(كُونُوا) أي المراد بالكينونة هنا أنه وإن لم تكن أحوالكم متسقة وهذا الأمر الجليل، فينبغي أن تكونوا كذلك، كينونتكم ينبغي أن تكون كما أمر الله سبحانه وتعالى، أن تكونوا (قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّه...إلى آخر الصفات التي ذكرتها الآية.
هذه الصفة هي صفة القيام بالقسط والحق والعدل، الله سبحانه وتعالى يقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا )(النساء135)
وتنبهوا أن هذه الآية أيضا، كما هو الحال في أخواتها اللواتي ذكرتهن سابقا، ابتدأت بالخطاب لجماعة المسلمين (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا)، الخطاب هو موجه للجماعة، لكل فرد من أفراد المجتمع، (كُونُوا) وكما تقدم الأمر للوجوب ما لم تصرفه قرينة.
(كُونُوا) أي المراد بالكينونة هنا أنه وإن لم تكن أحوالكم متسقة وهذا الأمر الجليل، فينبغي أن تكونوا كذلك، كينونتكم ينبغي أن تكون كما أمر الله سبحانه وتعالى، أن تكونوا (قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّه...إلى آخر الصفات التي ذكرتها الآية.
(كُونُوا قَوَّامِينَ) وهذه صيغة مبالغة، قوّامين أصلها قوّام، قوّام أي كثير القيام، من صيغ المبالغة أي الإكثار، يقال
قام لو كان قام أو قائم، ليست فيها صيغة مبالغة، لكن إذا أريد المبالغة فيه ضعّف،
فقيل قوّام، فلان قوّام أي كثير القيام، فالآية لم تخاطبهم فقط بالقيام بالقسط ،
ولكن خاطبتهم بكثرة القيام بالقسط.
قال (كُونُوا قَوَّامِينَ) أي كثيري القيام (بِالْقِسْطِ)، القسط هو الحق والعدل، العدل في التصور، في الحكم على الأشياء، العدل في معاملة الناس، العدل في كل شيء، أن يكون الإنسان عادلا مقسطا مع نفسه فيما بينه وبين خالقه، في القيام بأعباء التكاليف، فيما بينه وبين إخوانه، في أداء حقوقهم، في القيام بجميع مقتضيات الأفعال والأقوال والتصرفات التي يقوم بها.
(كُونُوا قَوَّامِينَ) يعني أن الإنسان يكون قوّاما بالقسط وبالحق، إذا باع، إذا اشترى، إذا قال، إذا تكلم فهو يتكلم بحق، لا يتكلم بالباطل، في تصرفه لا يجامل على حساب الحق والعدل، لا، يكون عادلا في حكمه على الأشياء، لا يتبع الهوى، كما سيأتي.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ) القيام بالشهادة، وهي مظهر من مظاهر القيام بالعدل وتحقيق العدل، الشهادة أو العمل الذي تقومون به يكون لله سبحانه وتعالى وحده، لا تراعون اعتبارات أخرى، لا، ينبغي أن تكون تصرفاتكم نابعة ومنطلقة من مراعاتكم لربكم، (شُهَدَاءَ لِلَّهِ).
ثم قال (وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ)، الآية ابتدأت بذكر أسباب الحيف والميل، أسباب الانحراف عن الحق والعدل، أولها مراعاة الإنسان نفسه، من الأسباب التي تؤدي إلى الانحراف، اتباع الهوى، الإنسان لديه هوى، لديه رغبات نفسية، شخصية، طمع، الرغبات المالية، إلى غيرها من الصفات التي قد تجنح بعض النفوس، حب السلطة، حب مثلا الشهرة، حب الثناء، الظهور، إلى آخره من الصفات تودي إلى الميل.
(وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ)، فإذا من أول العوائق التي تعوق دون الاتصاف بصفة القوامة بالعدل، هو نفس الإنسان فينبغي أن يكون قائما بالعدل والقسط ولو على نفسه، فيه إشارة إلى هذا الجانب، أو تصريح بأن النفس، نفس الإنسان الذي بين جنبيه هي سبب لتنكبه طريق الحق والقسط.
قال (كُونُوا قَوَّامِينَ) أي كثيري القيام (بِالْقِسْطِ)، القسط هو الحق والعدل، العدل في التصور، في الحكم على الأشياء، العدل في معاملة الناس، العدل في كل شيء، أن يكون الإنسان عادلا مقسطا مع نفسه فيما بينه وبين خالقه، في القيام بأعباء التكاليف، فيما بينه وبين إخوانه، في أداء حقوقهم، في القيام بجميع مقتضيات الأفعال والأقوال والتصرفات التي يقوم بها.
(كُونُوا قَوَّامِينَ) يعني أن الإنسان يكون قوّاما بالقسط وبالحق، إذا باع، إذا اشترى، إذا قال، إذا تكلم فهو يتكلم بحق، لا يتكلم بالباطل، في تصرفه لا يجامل على حساب الحق والعدل، لا، يكون عادلا في حكمه على الأشياء، لا يتبع الهوى، كما سيأتي.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ) القيام بالشهادة، وهي مظهر من مظاهر القيام بالعدل وتحقيق العدل، الشهادة أو العمل الذي تقومون به يكون لله سبحانه وتعالى وحده، لا تراعون اعتبارات أخرى، لا، ينبغي أن تكون تصرفاتكم نابعة ومنطلقة من مراعاتكم لربكم، (شُهَدَاءَ لِلَّهِ).
ثم قال (وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ)، الآية ابتدأت بذكر أسباب الحيف والميل، أسباب الانحراف عن الحق والعدل، أولها مراعاة الإنسان نفسه، من الأسباب التي تؤدي إلى الانحراف، اتباع الهوى، الإنسان لديه هوى، لديه رغبات نفسية، شخصية، طمع، الرغبات المالية، إلى غيرها من الصفات التي قد تجنح بعض النفوس، حب السلطة، حب مثلا الشهرة، حب الثناء، الظهور، إلى آخره من الصفات تودي إلى الميل.
(وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ)، فإذا من أول العوائق التي تعوق دون الاتصاف بصفة القوامة بالعدل، هو نفس الإنسان فينبغي أن يكون قائما بالعدل والقسط ولو على نفسه، فيه إشارة إلى هذا الجانب، أو تصريح بأن النفس، نفس الإنسان الذي بين جنبيه هي سبب لتنكبه طريق الحق والقسط.
أَوِ الْوَالِدَيْنِ
وَالْأَقْرَبِينَ) بدأت بذكر سبب من أسباب أيضا الميلولة، وهي سبب العصبية القبلية، أو عصبية القرابة، أو العصبية النسبية،
وأول هذه الدرجة، أو هذا الصنف، صنف القرابة، هما الوالدان، أقرب المقربين إلى
الإنسان بعد نفسه، أبواه وأولاده، فمراعاتهما على حساب الحق والعدل غير جائزة، بل ينبغي
الصدع بالحق والقسط ولو على النفس أو الوالدين.
مع أن الله سبحانه وتعالى قد بيّن ما للوالدين من حق عظيم، وأمر بمصاحبتهما وعدم الإساءة إليهما، ولو كانا على شركهما، لكن طبعا مع النهي عن طاعتهما (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) (الاسراء: 23) فالله قضى أي أمر وحسم ألا تعبدوا إلا إياه، ثم عطف هذا الأمر العظيم (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً)، لكن مع ما لهذه الصفة من قدر عظيم عند الله، إلا أنها لا تصلح أن تكون مسوغا ومبررا في تنكب طريق العدل والحق.
(أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) كذلك القرابة مع أن الله تعالى أوصى بالقرابة خيرا ( وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ)(النساء: 36)، وأوصى يعني ( وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ)، إحسان معاملتهم والإحسان إليهم، لكن لا يجوز أن تكون هذه الصلة، صلة القرابة أو العصبية النسبية هذه، تكون سببا في عدم إنصاف المستحق للإنصاف، أو عدم القول أو الفعل الحق والعدل.
ثم ذكر أيضا مظهرا من مظاهر، أو سببا من أسباب الجنوح أو تنكب طريق الحق والقسط، قال (إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا) فإذا أيضا إشارة إلى أن الغنى والفقر قد يكونان سببا من أسباب الانحراف عن مقتضى الحق والعدل.
فقد يراعى الغني لغناه، فقد يكون الإمساك عن نصحه وتنبيه وإرشاده لأجل غناه، (إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً) قد يكون فقر الفقير سببا للحيف عليه وعدم إنصافه، قال (فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا) أي مراعاة الغني والفقير تكون من قبل الله سبحانه وتعالى الذي وهب الغني غناه، والذي ابتلى الفقير بفقره، كما ابتلى الغني أيضا بغناه.
(فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا) ذكر هذه السمات، التي تقدمت، وهي مراعاة النفس، مراعاة الوالدين والأقربين، مراعاة الغني لغناه، تجاوز حق الفقير لفقره، وأنها قد يؤدي إليها الهوى، النفس قد تهوى ذلك، قد تميل إلى ذلك، النفوس تميل إلى مراعاة هذه الأمور، وأخذها وإقامتها واستقامتها على طريق الحق والعدل يقتضي تجاوز هذه الأمور واطراحها.
وهو أمر يحتاج إلى تبصر، يحتاج إلى عزيمة، لأن الإنسان إن كان إقامته الحق والعدل على والديه فلا شك أنه يلقى ما يلقاه من حرج وعنت، كذلك أيضا وقوفه في وجه الغني الذي غالبا ما يراعيه كثير من الناس، يحتاج إلى ثبات، كذلك أيضا وقوفه إلى جانب الفقير المهضوم يحتاج أيضا إلى ثبات، إلى حمل للنفس على هذا الموقف.
هذه الصفة ينبغي أن تكون بين أفراد المجتمع، على جميع مستوياته.
مع أن الله سبحانه وتعالى قد بيّن ما للوالدين من حق عظيم، وأمر بمصاحبتهما وعدم الإساءة إليهما، ولو كانا على شركهما، لكن طبعا مع النهي عن طاعتهما (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) (الاسراء: 23) فالله قضى أي أمر وحسم ألا تعبدوا إلا إياه، ثم عطف هذا الأمر العظيم (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً)، لكن مع ما لهذه الصفة من قدر عظيم عند الله، إلا أنها لا تصلح أن تكون مسوغا ومبررا في تنكب طريق العدل والحق.
(أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) كذلك القرابة مع أن الله تعالى أوصى بالقرابة خيرا ( وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ)(النساء: 36)، وأوصى يعني ( وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ)، إحسان معاملتهم والإحسان إليهم، لكن لا يجوز أن تكون هذه الصلة، صلة القرابة أو العصبية النسبية هذه، تكون سببا في عدم إنصاف المستحق للإنصاف، أو عدم القول أو الفعل الحق والعدل.
ثم ذكر أيضا مظهرا من مظاهر، أو سببا من أسباب الجنوح أو تنكب طريق الحق والقسط، قال (إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا) فإذا أيضا إشارة إلى أن الغنى والفقر قد يكونان سببا من أسباب الانحراف عن مقتضى الحق والعدل.
فقد يراعى الغني لغناه، فقد يكون الإمساك عن نصحه وتنبيه وإرشاده لأجل غناه، (إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً) قد يكون فقر الفقير سببا للحيف عليه وعدم إنصافه، قال (فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا) أي مراعاة الغني والفقير تكون من قبل الله سبحانه وتعالى الذي وهب الغني غناه، والذي ابتلى الفقير بفقره، كما ابتلى الغني أيضا بغناه.
(فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا) ذكر هذه السمات، التي تقدمت، وهي مراعاة النفس، مراعاة الوالدين والأقربين، مراعاة الغني لغناه، تجاوز حق الفقير لفقره، وأنها قد يؤدي إليها الهوى، النفس قد تهوى ذلك، قد تميل إلى ذلك، النفوس تميل إلى مراعاة هذه الأمور، وأخذها وإقامتها واستقامتها على طريق الحق والعدل يقتضي تجاوز هذه الأمور واطراحها.
وهو أمر يحتاج إلى تبصر، يحتاج إلى عزيمة، لأن الإنسان إن كان إقامته الحق والعدل على والديه فلا شك أنه يلقى ما يلقاه من حرج وعنت، كذلك أيضا وقوفه في وجه الغني الذي غالبا ما يراعيه كثير من الناس، يحتاج إلى ثبات، كذلك أيضا وقوفه إلى جانب الفقير المهضوم يحتاج أيضا إلى ثبات، إلى حمل للنفس على هذا الموقف.
هذه الصفة ينبغي أن تكون بين أفراد المجتمع، على جميع مستوياته.
ذكرت آية أخرى أن من أسباب الحيف هو وجود صفة البغضاء والشنئان، الشنئان يعني البغضاء، غالبا ما تؤدي
هذه الحالة إلى عدم الإنصاف، وعدم العدل، الله سبحانه وتعالى يقول (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ
عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ
لِلتَّقْوَى)(المائدة 8) أي لا يحملنّكم بغضكم لهم وكراهيتكم لأحوالهم على
عدم والإنصاف، بل يجب عليكم أن تكونوا منصفين حتى مع وجود هذه الحالة.
وهذا حال المسلم، المسلم ينصف الناس جميعا، سواء كان أقرب المقربين إليه أو من ألد أعدائه، فالمسلم عادل منصف مع أعدائه وأصدقائه، يجعل الحق والقسط والعدل على لسانه وفي أفعاله وتعامله وتصرفاته.
إن كان المسلم هذه حالة فهذا يعني أنه نفذ هذه المبادئ، نفذها وجعلها واقعا يعيشه المسلمون، وإن كان الواحد هذه صفته، لا شك هذا حال أفراد المجتمع، لأن المجتمع هو عبارة عن مجموع الأفراد،. فينبغي أيضا أن لا يكون البغض مسوغا للتجاوز ولعدم الإنصاف.
وهذا يقودنا إلى أن تصرفات المسلم في أفعاله وأقواله نابعة من مبدأ، لا ينطلق المسلم في تصرفه من ردود أفعال، تكون أفعاله ردة فعل، أو أقواله ردة فعل، نتيجة شعوره تجاه أمر ما، هو يغضب لذلك الأمر، هو مستاء منه، ولذلك يقول ويفعل وينتقد، لكن إن رضي أو خفت حدة غضبه ذهب ذلك وتلك الحالة التي هو فيها.
لا، المسلم يحكم على الأمور من هذا المنطلق، من منطلق مبادئه، لا من منطلق ردود الأفعال.
جملة القول أن صفة القيام بالحق والقسط ينبغي أن تكون صفة متجسدة بين أفراد المجتمع، فهم ينصفون بعضهم البعض، يتناصفون فيما بينهم، القوي منهم ينصف الضعيف في تصرفاته، يقوم بجميع الحقوق التي له، سواء كان ذلك الآخر، أو الشخص الآخر فقيرا أو غنيا، قريبا أو بعيدا، محبوبا إلى نفسه أم بغيضا إلى نفسه، له حقه كاملا غير منقوص، هذه حالة أفراد المجتمع.
وفي هذا الحديث كفاية، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، إنه سبحانه وتعالى ولي ذلك والقادر عليه، وصلى اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وأجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وهكذا بفضل الله وعونه أنتهت هذه السلسلة المباركة للشيخ الدكتور جابر السعدي، وسوف بإذن الله تعالى تتوالى درره ولؤلؤه، فما زال بحره العميق يحوي الكثير منها، فبالإضافة إلى سلاسل الدروس والمحاضرات التي يقوم بها، فإن الشيخ قد سخر ما بقي له من وقت لمدالمكتبة الإباضية والإسلامية -على حد سواء- بعدد من الكتب القيمة التي سوف تكون إنطلاقة جديدة لروح التأصيل الإسلامي ومشعلا آخرا للعلم والعمل.
هذا والله ولي التوفيق.
وهذا حال المسلم، المسلم ينصف الناس جميعا، سواء كان أقرب المقربين إليه أو من ألد أعدائه، فالمسلم عادل منصف مع أعدائه وأصدقائه، يجعل الحق والقسط والعدل على لسانه وفي أفعاله وتعامله وتصرفاته.
إن كان المسلم هذه حالة فهذا يعني أنه نفذ هذه المبادئ، نفذها وجعلها واقعا يعيشه المسلمون، وإن كان الواحد هذه صفته، لا شك هذا حال أفراد المجتمع، لأن المجتمع هو عبارة عن مجموع الأفراد،. فينبغي أيضا أن لا يكون البغض مسوغا للتجاوز ولعدم الإنصاف.
وهذا يقودنا إلى أن تصرفات المسلم في أفعاله وأقواله نابعة من مبدأ، لا ينطلق المسلم في تصرفه من ردود أفعال، تكون أفعاله ردة فعل، أو أقواله ردة فعل، نتيجة شعوره تجاه أمر ما، هو يغضب لذلك الأمر، هو مستاء منه، ولذلك يقول ويفعل وينتقد، لكن إن رضي أو خفت حدة غضبه ذهب ذلك وتلك الحالة التي هو فيها.
لا، المسلم يحكم على الأمور من هذا المنطلق، من منطلق مبادئه، لا من منطلق ردود الأفعال.
جملة القول أن صفة القيام بالحق والقسط ينبغي أن تكون صفة متجسدة بين أفراد المجتمع، فهم ينصفون بعضهم البعض، يتناصفون فيما بينهم، القوي منهم ينصف الضعيف في تصرفاته، يقوم بجميع الحقوق التي له، سواء كان ذلك الآخر، أو الشخص الآخر فقيرا أو غنيا، قريبا أو بعيدا، محبوبا إلى نفسه أم بغيضا إلى نفسه، له حقه كاملا غير منقوص، هذه حالة أفراد المجتمع.
وفي هذا الحديث كفاية، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، إنه سبحانه وتعالى ولي ذلك والقادر عليه، وصلى اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وأجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وهكذا بفضل الله وعونه أنتهت هذه السلسلة المباركة للشيخ الدكتور جابر السعدي، وسوف بإذن الله تعالى تتوالى درره ولؤلؤه، فما زال بحره العميق يحوي الكثير منها، فبالإضافة إلى سلاسل الدروس والمحاضرات التي يقوم بها، فإن الشيخ قد سخر ما بقي له من وقت لمدالمكتبة الإباضية والإسلامية -على حد سواء- بعدد من الكتب القيمة التي سوف تكون إنطلاقة جديدة لروح التأصيل الإسلامي ومشعلا آخرا للعلم والعمل.
هذا والله ولي التوفيق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق